كيف تحدد التكلفة والصحة والراحة اختيارات المستهلكين في السعودية
في ظل التحولات السريعة التي يشهدها الاقتصاد الغذائي في المملكة، يعتمد المستهلكون على خيارات ذكية تراعي السعر، وتجارب رقمية مريحة، وأدوات مبتكرة للحفاظ على الصحة مدعومة بالذكاء الاصطناعي. يكشف استطلاع آراء المستهلكين للعام 2025: نتائج المملكة العربية السعودية، الذي أجرته بي دبليو سي الشرق الأوسط، كيفية مساهمة الاهتمام بالصحة والثقافة والوعي بالتكلفة في إعادة رسم ملامح المشهد الغذائي السعودي، ما يفتح آفاقاً جديدة أمام العلامات التجارية لتقديم قيمة طويلة الأجل
في عام 2025، يواجه المستهلكون في المملكة العربية السعودية مشهداً غذائياً أكثر تعقيداً يعيدون فيه النظر في شكل عاداتهم في التسوق وتناول الغذاء بما يحقق التوازن بين التكلفة والراحة والصحة مع الحفاظ في الوقت ذاته على هويتهم الثقافية، حيث يحاول المتسوقون التكيف مع التغيرات المتسارعة في المشهد الاقتصادي في المملكة وذلك من خلال البحث عن القيمة وتبني خيارات أذكى، لاسيما مع تحول الراحة إلى جزء أساسي من الحياة اليومية، خاصة بين الشريحة السكانية الشابة الملمة بالتقنيات.
ويكشف استطلاع آراء المستهلكين الذي أجرته بي دبليو سي الشرق الأوسط بمشاركة أكثر من 1,000 مستهلك في المملكة العربية السعودية عن تغير هذه السلوكيات بفعل ضغوط التكلفة والمخاوف الصحية والإعلاء من قيم الاستدامة وتبني الحلول الرقمية. ولم يعد دور الغذاء يقتصر على وظيفته فحسب، بل أصبح تعبيراً عن الثقافة والاستكشاف ونمط الحياة. ومع ارتفاع الوعي الصحي، يتزايد الاهتمام بالمنتجات الطازجة والسلع المحلية والبدائل النباتية. وفي الوقت نفسه، يتبنى المستهلكون الأدوات والتقنيات الرقمية لدعم صحتهم، بدءاً من الأجهزة الذكية القابلة للارتداء إلى المنصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشهد الغذائي في المملكة العربية السعودية لا يخلو من التناقضات. فبينما يبحث الكثيرون عن تجار التجزئة الذين يقدمون التخفيضات والمنتجات ذات القيمة الجيدة، لا تزال نسبة كبيرة منهم تتناول الطعام بانتظام في المطاعم أو تطلب الوجبات الجاهزة. ورغم تزايد الوعي بمخاطر تغير المناخ، إلا أن المخاوف المتعلقة بالتكلفة والصحة تظل في مقدمة الأولويات لدى المستهلكين.
وتمثل هذه المرحلة للعلامات التجارية الغذائية وتجار التجزئة لحظة استثنائية تتيح أمامهم الفرصة لتلبية احتياجات المستهلكين التي تشهد تطوراً مستمراً من خلال حلول تقنية تراعي الجوانب الثقافية والصحية مع تقديم قيمة حقيقية دون تنازلات. وهذه الفروق الدقيقة ترسم ملامح المستهلك في السعودية اليوم الذي يتميز بالوعي والمرونة ويظهر قدرة عالية على التكيف والانفتاح لمنح الأولوية للحلول الرقمية.
النتائج الرئيسية
47% من المشاركين في الاستطلاع في المملكة صنفوا تكلفة المعيشة ضمن أبرز ثلاثة تهديدات من المرجح أن تؤثر على المملكة خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة
47% من المشاركين في الاستطلاع في المملكة يتناولون الطعام خارج المنزل مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة %29 المسجلة على المستوى العالمي
75% من المشاركين في الاستطلاع في المملكة (مقارنة بنسبة %46 عالمياً) وصفوا حالتهم الصحية بأنها ممتازة أو جيدة جداً
66% من المستهلكين في المملكة يشعرون بالقلق من تغير المناخ، وهي نسبة أقل بكثير من %82 من المشاركين في الاستطلاع على مستوى العالم
11% من المستهلكين في المملكة (مقارنة بنسبة %9 اقليمياً وبنسبة %5 عالمياً) يتناولون حالياً أدوية إنقاص الوزن التي تصرف بوصفة طبية و %42 منهم على استعداد لاستخدامها في المستقبل
تُشكل تكاليف المعيشة مصدراً للقلق بالنسبة للمستهلكين في المملكة العربية السعودية، مع ارتفاع التضخم في المملكة إلى %2.3 في مارس، بفعل الارتفاع التدريجي في إيجارات العقارات السكنية والمواد الغذائية والسلع الشخصية.1
وبحسب نتائج الاستطلاع الذي أجريناه، صنف ما يقرب من نصف المشاركين (%47) في المملكة تكلفة المعيشة على أنها ضمن أبرز ثلاث تهديدات الذي يرجح أن تؤثر على المملكة في الأشهر الاثني عشر المقبلة، وهي نسبة تتماشى مع النسبة المسجلة لنظرائهم في المنطقة، قبل المخاطر الصحية ومشكلة تغير المناخ، حيث سجّل كل منهما %32. وعلى الرغم من انخفاض المخاوف بشأن تكلفة المعيشة عن المتوسط العالمي البالغ %58، يلعب التسعير دوراً مهماً في اتخاذ القرارات اليومية. فعند شراء المواد الغذائية، كان السعر هو الاعتبار الأول لدى ما نسبته %47 من المشاركين، يليه المذاق (%34) والثقة بالعلامة التجارية (%35).
س: أي من التهديدات/ المخاطر المحتملة التالية تعتقد أن يكون لها أكبر تأثير على بلدك في الأشهر الاثني عشر المقبلة؟
يعمل تضخم أسعار الغذاء أيضاً على إعادة تشكيل سلوكيات التسوق، حيث يتكيف المستهلكون من خلال تبديل العلامات التجارية، والاستفادة من العروض الترويجية، والتسوق عبر متاجر متعددة لإدارة التكاليف. وأشار المشاركين في الاستطلاع إلى ثلاثة أسباب رئيسية قد تدفعهم لتبديل العلامة التجارية وهي قيمة أفضل (%40) ومذاق أفضل (%47) وفوائد صحية أكثر (%32).
وعند سؤال المشاركين عن الإجراءات التي اتخذوها لتعويض ارتفاع تكاليف المواد الغذائية، أفاد أكثر من النصف (%54) بقيامهم بالتسوق في متاجر مختلفة، ولجأ نصف المشاركين إلى استخدام كوبونات أو عروض خاصة، بينما لجأت نسبة مماثلة (%49) إلى الشراء بالجملة لإدارة التكاليف.
س : إذا كنت قد ذكرت أنك قلق بشأن تكلفة الغذاء فما الإجراءات، إن وجدت، التي تتخذها لتقليل أو تعويض آثار تكلفة الغذاء؟
أصبحت الراحة أسلوب حياة بالنسبة للشريحة السكانية الشابة الملمة بالتقنيات في المملكة بفضل التجارب السلسة التي يستطيعون الحصول عليها أثناء ممارسة أنشطتهم اليومية والتي توفرها مجموعة من المنصات الرقمية والمتاجر الصغيرة وخدمات توصيل الطعام. وكما هو الحال مع نظرائهم على مستوى المنطقة، يستخدم %48 من المشاركين في المملكة منصات توصيل البِقالة عند الطلب، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة %28 المسجلة على مستوى العالم. كما فضل الثلث تقريباً خدمات توصيل الوجبات الجاهزة للطهي، مقارنة بنسبة %15 فقط على مستوى العالم.
ورغم وعيهم بالتكاليف، كان %47 من المشاركين في المملكة، على غرار نظرائهم في المنطقة، يأكلون خارج المنزل على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة %29 المسجلة على مستوى العالم. وبلغت نسبة الذين طلبوا الوجبات السريعة %53 مقارنة بنسبة %34 فقط على مستوى العالم واشترت نسبة مماثلة (%55) الأطعمة الجاهزة مقارنة بنسبة %38 من نظرائهم على مستوى العالم، ما يسلط الضوء على تفضيل واضح للسهولة والكفاءة، رغم بقاء التكلفة عاملاً رئيسياً في اتخاذ القرار.
وقد يكون هذا الاتجاه مرتبطاًً في النظرة الثقافية للطعام باعتباره أكثر من مجرد وسيلة للتغذية، وإنما تجربة اجتماعية وتعبيرية. وبينما قال %27 من المشاركين في الاستطلاع في المملكة إن نظامهم الغذائي مبني بالأساس على التقاليد الثقافية والمأكولات التقليدية، كان %44 منفتحين على تجربة المأكولات العالمية، حيث استمتع نصف المشاركين تقريباً بتجربة أطعمة جديدة، مقارنة بنسبة %31 فقط على مستوى العالم. ويعكس هذا الانفتاح الثقافي تحولاً متزايداً نحو تبني تفضيلات غذائية تتوافق مع نمط الحياة في المملكة.
س : إلى أي مدى تلعب الثقافة والعادات التي نشأت عليها دورًا في اختيارك للأطعمة التي تتناولها، إن كان لها تأثير؟
عندما طلب من المشاركين في الاستطلاع في المملكة تقييم صحتهم العامة، وصفها %75 منهم بأنها ممتازة أو جيدة جداً على غرار نظرائهم في المنطقة (مقارنة بنسبة %46 عالمياً). ومع ذلك، فإن هذا التقييم الذاتي الإيجابي يأتي في وقت يشهد تحديات تمس الصحة الوطنية حيث يعاني ما يقرب من نصف سكان المملكة الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً فما فوق (%45.1) من زيادة الوزن ويعاني أكثر من واحد من كل خمسة (%23.1) من السمنة المفرطة.2
وأشار ما يقرب من %40 من المشاركين إلى أنهم يمارسون الرياضة بانتظام وهو ما يتماشى مع المعدلات الإقليمية والعالمية، وأكد %36 منهم تناولهم المكملات الغذائية لدعم صحتهم بينما أعرب %15 عن تفضيلهم اتباع نظام غذائي نباتي بالكامل أو يغلب عليه الطابع النباتي.
تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن المستهلكين في المملكة يفضلون المنتجات الطازجة وأن هذا التوجه يتزايد يوماً بعد يوم، حيث يخطط أكثر من %66 من المستهلكين لزيادة استهلاكهم من المنتجات الطازجة في الأشهر الستة المقبلة، وهي نسبة تتماشى مع بقية المنطقة، لكنها أعلى من النسبة العالمية التي تبلغ حوالي %56. وشعر أكثر من %60 من المستهلكين بالقلق بخصوص مخاطر الأطعمة فائقة المعالجة واستخدام المبيدات الحشرية في الغذاء.
وتؤثر خيارات المستهلكين الصحية أيضا على سلوكياتهم في الشراء، حيث اشترى أكثر من الثلث (%34) منتجات محلية، وكانت أبرز ثلاثة دوافع لذلك إلى اعتقادهم بارتفاع جودتها عن غيرها (%51)، وبأن شراءهم لها سيمكنهم من المساهمة في الاقتصاد المحلي (%43) ، وأن هذه المنتجات صحية أكثر من غيرها (%41).
الحواجز ما تزال قائمة
على الرغم من التفضيل الواضح للمنتجات المحلية، أشار المستهلكون إلى ثلاثة حواجز رئيسية، حيث ذكر %44 أن التنوع أقل في السلع المنتجة محلياً، ورأى %39 إنه لا يمكن الوصول إليها بسهولة، و%38 إن السلع المنتجة محليا أغلى من غيرها. وفي الواقع، أفاد أكثر من نصف المستهلكين في المملكة (%56) بأنهم سيختارون سلعة مستوردة أرخص من سلعة محلية أغلى ثمناً عند تماثل المنتجات. وبالتالي يجب على المنتجين المحليين تحقيق توازن بين الجودة والمنتجات الطازجة مع تقديم كميات ونماذج تسعير ذكية حتى تتسنى لهم المنافسة.
يستخدم %40 من المستهلكين في المملكة العربية السعودية، مثل بقية المنطقة، تطبيقاً واحداً على الأقل للرعاية الصحية أو جهازاً يمكن ارتداؤه لتوجيهات التمارين الرياضية وتتبع النشاط البدني واتباع نظام غذائي وفقدان الوزن وتناول الأكل الصحي وهي نسبة أعلى بقليل من نسبة %30 المسجلة على مستوى العالم.
وقد أدت التقنيات والتطبيقات والأجهزة القابلة للارتداء إلى تغيير في العادات اليومية بنسبة %50 من المستهلكين في المملكة، حيث شهدت حياة %43 من المستهلكين تغييراً كبيراً مقارنة بنسبة %34 على مستوى العالم. وتبين كذلك وجود استعداد واضح لتبني طرق جديدة، حيث يستخدم %11 من المستهلكين في المملكة حاليا أدوية إنقاص الوزن التي توصف بوصفة طبية مثل أوزمبيك أو مونجارو، وهي نسبة أعلى من %9 لدى نظرائهم في المنطقة و%5 على مستوى العالم. ومن بين أولئك الذين لا يتناولون هذه الأدوية حالياً، قال %42 إنهم سيكونون منفتحين على استخدامها في المستقبل، وهو ما يزيد مرة أخرى عن نظرائهم في المنطقة والعالم.
س : هل ستكون منفتحا على استخدام أدوية إنقاص الوزن في المستقبل؟
أفاد حوالي %80 من المشاركين الذين يتناولون أدوية إنقاص الوزن أنهم يتبعون خيارات غذائية صحية وقد شهدوا تحسن نتائجهم الصحية نتيجة لذلك. ومع ذلك، ذكر حوالي نصف المشاركين أن تجاربهم كانت أقل إيجابية وشمل ذلك تعرضهم لآثار جانبية (%66) وعدم تلبية توقعاتهم (%46) وفقدانهم للكتلة العضلية (%44).
وبالتالي فمن غير المفاجئ أن نجد الأبحاث تشير إلى توقعات بوصول سوق إنقاص الوزن في المملكة العربية السعودية إلى 2.7 مليار دولار أمريكي بحلول عام 32033.
كما يكتسب الذكاء الاصطناعي التوليدي زخماً كمساعد للحفاظ على الصحة واللياقة البدنية، حيث يشعر %48 من المشاركين بالراحة عند استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخطيط الوجبات، وأكثر من نصفهم يفضلون استخدام برامج اللياقة البدنية المصممة لتلبية الاحتياجات الشخصية وهي نسبة أعلى من النظراء العالميين.
أشار %32 من المستهلكين إلى أن تغير المناخ يمثل أحد أبرز ثلاث تهديدات تواجه المملكة إلا إنه لا يبدو عاملاً مؤثراً بشكل كبير. وفي هذا الصدد، أعرب %66 فقط من المستهلكين عن شعورهم بالقلق أي أقل بكثير من النسبة المسجلة بين المشاركين على مستوى العالم والبالغة %81.
وعلى الرغم مما سبق، هناك بعض السلوكيات المتوافقة مع الحفاظ على المناخ، حيث أفاد نحو %40، وهي نسبة مماثلة للنسبة المسجلة بين أقرانهم في المنطقة، بأنهم يتجنبون شراء الأطعمة الضارة بالبيئة، لكن أكثر من نصفهم لا يبحثون بانتظام عن جهود العلامات التجارية في تحقيق الاستدامة. والجدير بالذكر أن %74 قالوا إنهم يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات حول جهود العلامات التجارية في مجال الاستدامة، ما يسلط الضوء على التأثير المتزايد للمنصات الرقمية في تشكيل التصورات والخيارات.
س: ما المصادر التي تعتمد عليها عادة للحصول على معلومات حول مبادرات الشركات في مجال المناخ والاستدامة؟
وفيما يتعلق بدفع المزيد مقابل الحصول على مواد غذائية تسهم في دعم الصحة البيئية، أفاد %38 من المستهلكين في المملكة بأنهم مستعدون للقيام بذلك (مقابل %45 على مستوى العالم)، بينما أفاد %17 بأنهم لن يفعلوا ذلك (مقابل %12 عالمياً). ولا تزال نسبة %45 المتبقية مترددة، ويمثل أفرادها جمهوراً رئيسياً لرسائل توعوية فعالة وبناء الثقة وتشجيع السلوكيات المستدامة.
يمتاز المستهلكون في المملكة العربية السعودية بالواقعية والانفتاح الرقمي وارتفاع وعيهم الصحي، وبالتالي يمكن للشركات التي تتطلع إلى الفوز في هذا السوق الاستفادة من هذه الفرص.
يعمل المستهلكون في المملكة العربية السعودية على إعادة رسم ملامح المشهد الغذائي بثقة وفضول لتجربة الجديد، حيث يتبنون نهجاً يركز على الصحة والابتكار الرقمي والهوية المحلية، مع التكيف في الوقت نفسه مع واقع التكلفة. فهذا العصر هو بلا شك عصر الخيارات الواعية والمدروسة، ولن تجد العلامات التجارية فرصة أكبر من هذه لتقديم حلول ذات قيمة مفيدة وملائمة من الناحية الثقافية مدعومة بالأدوات التقنية.
1. https://www.arabnews.com/node/2597104/business-economy
2. Saudi Government Data - https://bit.ly/4mnZ8mB
3. https://www.taiwannews.com.tw/news/6146140