خلال السنوات السبع والعشرين الماضية، قدّم استطلاع شركة بي دبليو سي السنوي لانطباعات الرؤساء التنفيذيين معطيات قيّمة حول وجهات نظر هؤلاء المسؤولين، على مستوى العالم وفي منطقة الشرق الأوسط، في ظل تعاملهم مع المشهد المالي والجيوسياسي والاجتماعي العالمي المتغيّر.
وفي هذا العام، تدفع النظرة المتفائلة إلى استمرار الطموح نحو تسجيل المنطقة نمواً إلى جانب الثقة بالنمو الاقتصادي العالمي، في تحوّل لافت عن العام السابق حين كان الرؤساء التنفيذيون أقل تفاؤلاً حيال الوضع الاقتصادي العالمي الأشمل.
فنحو ثلاثة أرباع الرؤساء التنفيذيين في المنطقة يتوقّعون تحسن معدل النمو الاقتصادي خلال العام 2024، في ظل خروج الاقتصاد العالمي من دوامة معدلات التضخم والفائدة المرتفعة. ونتيجةً لذلك، أعربوا عن ثقة أكبر حيال آفاق إيراداتهم حيث يتوقّع حوالى نصفهم ارتفاعها خلال العام الجاري.
يقع الابتكار في صميم بعض أبرز التغييرات التي تجريها الشركات الإقليمية على مستوى هياكلها التنظيمية. ومن المشجع أن نرى أن الرؤساء التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط لا يزالون عازمين على التطوّر، بحيث يعمدون إلى تنويع عروضهم، وتبني التقنيات الناشئة والاستثمار في الابتكار المناخي. كما تشير نتائج الاستطلاع إلى أن الشركات الإقليمية تعتمد موقفاً أكثر استباقية بالمقارنة مع المعدل العالمي المسجل في مجالات الابتكار المهمة هذه.
وفي هذا السياق، أبلغنا 40% من الرؤساء التنفيذيين في المنطقة أنهم طوّروا منتجات وخدمات جديدة، واعتمد أكثر من نصفهم تقنيات جديدة عززت قدراتهم على خلق القيمة وتحصيلها وتوفيرها.
ومن أبرز مواضيع العام 2023 الظهور السريع لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو موضوع لم يكن وارداً عند إجراء الاستطلاع السابق. ويبدو أن الرؤساء التنفيذيين يتبنون الذكاء الاصطناعي التوليدي بحماسة، فيعملون على تكييف استراتيجياتهم التقنية معه، وصقل مهارات قواهم العاملة وسط استمرار ارتفاع الطلب عليه.
كذلك خلُصت نتائج استطلاعنا إلى أن التغيّر المناخي يشكّل مبعث قلق خاص بالنسبة إلى الشركات الإقليمية العاملة في مناطق متأثرة أساساً بارتفاع درجات الحرارة وضمن اقتصاديات ذات أجندات وطنية تستهدف التنويع وإزالة الكربون. لكنه يجب بذل المزيد من الجهود على المستوى المؤسسي لتحويل الطموحات إلى أفعال، وآمل أن يشكّل مؤتمر الأطراف (COP28) الذي عُقد مؤخراً محركاً إيجابياً لسد هذه الفجوة، مع العلم بأن الرهانات لم تكن يوماً مرتفعة بهذا القدر.
عندما نغوص في المسائل التي تشغل بال الرؤساء التنفيذيين الإقليميين أثناء التخطيط للعام 2024، نلاحظ أن التضخم والتهديدات الجيوسياسية تشكّل أبرزها، وهذا أمر كان متوقّعاً ربما.
في الختام، أودّ أن أشكر جميع الذين شاركوا في هذا الاستطلاع، مع الإشارة إلى أن المعطيات الواردة في هذا التقرير تهدف إلى مساعدة الشركات على فهم ظروف السوق المتغيّرة، وتسليط الضوء على المجالات التي يمكنها فيها تجاوز توقّعات المستثمرين، والاستعداد بشكل أفضل على المدى القصير والطويل. وأنا أتطلع إلى التعاون مع هذه الشركات خلال الأشهر القادمة من أجل دعم استراتيجياتها في مجال الابتكار واستكشاف فرص النمو المتاحة.
شكراً لكم