رحلة التحول إلى الطاقة النظيفة والاستدامة

تقرير النشرة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية

Immersive architectural tourism​ іn Saudi Arabia
  • Publication
  • 4 minute read
  • December 02, 2024

تواصل المملكة العربية السعودية التقدم بخطى ثابتة في جهودها الرامية إلى تنويع مواردها الاقتصادية والاستمرار في التحول لمستقبل أكثر استدامة. وسعياً لتأمين الاستقرار والاستدامة في مجال الطاقة والوصول بصافي الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2060، تواصل المملكة تعاملها مع المعضلات الثلاثة التي تواجه قطاع الطاقة وذلك من خلال الموازنة بين الحاجة إلى ضمان استمرارية الإمداد الموثوق بالطاقة، وخفض الأثر البيئي إلى أدنى مستوى ممكن، وضمان توفر الطاقة بتكاليف ميسورة - وهي عوامل محورية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وحماية البيئة. وفي الإصدار الثاني من تقرير نشرتنا الاقتصادية في المملكة، نستكشف تقدم المملكة نحو تحقيق هذه الأهداف وجهودها لتشكيل مستقبل أكثر مرونة في مواجهة التحديات. 

 

ويتجلى التركيز على الاستدامة بشكل أوضح في التوسع الكبير في استخدام الطاقة المتجددة، حيث تستهدف المملكة إضافة 20 جيجا واط من الطاقة المتجددة سنوياً للوصول إلى 130 جيجا واط بحلول 2030 وتستعد لتصدير 150 جيجا واط من الكهرباء المستخرجة من مصادر متجددة أو الهيدروجين الأخضر. كما يوفر قطاع الطاقة المتجددة فرصاً كبيرة لخلق الوظائف والنمو الاقتصادي بما يتماشى مع أهداف التحول التي وضعتها المملكة حيث تستعد لاستقبال استثمارات في الصناعات التحويلية المتطورة مثل المركبات الكهربائية، وفي الوقت نفسه أصبح الحفاظ على البيئة من الأولويات في مشاريع التطوير السياحية. وتدفع مبادرة السعودية الخضراء أجندة المملكة إلى التوسع مستهدفةً حماية 30% من المساحات البرية والبحرية الوطنية بحلول عام 2030، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً وزراعة 10 مليارات شجرة. 

 

وفي هذه الأثناء، يبقى المشهد الاقتصادي بشكل عام مرناً. فعلى الرغم من انخفاض إنتاج النفط هذا العام استجابة للتغيرات في ميزان العرض والطلب على النفط، فإن جدول تخصيص الحصص لدول أوبك بلس يحقق لتحقيق التعافي وعودة الإنتاج بحلول عام 2025 إلى أعلى مستوى منذ يونيو 2023. وقد شهد الربع الثاني من العام نمو القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 4,9% في أقوى نسبة نمو لهذا القطاع خلال العام بفضل قطاعات مثل قطاعي التجارة والضيافة. 



الأداء الاقتصادي في الآونة الأخيرة
الاستدامة ورؤية المملكة 2030
تنويع مصادر الطاقة وتعزيز كفاءة استخدامها

أوبك بلس تتوسع في إجراءات المنتجين 

لايزال قطاع النفط، الذي يمثل جزءاً مهماً من الاقتصاد السعودي، مقيداً بسبب الطلب والحصص التي تفرضها أوبك بلس، حيث من المنتظر أن يسجل متوسط الإنتاج في عام 2024 رقماً أقل بقليل من 9 ملايين برميل يومياً، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2010، ويأتي ذلك على الرغم من أن بداية العام شهدت تحقيق استراتيجية النفط السعودية لمكسب مهم حيث وافقت سبع دول أخرى على جولة جديدة من الخفض الطوعي للإنتاج بما يتجاوز الحصص التي حددها تجمع دول أوبك بلس، بعدما كانت المملكة تتحمل هذا العبء وحدها في السابق حيث خفضت إنتاجها بشكل منفرد بواقع مليون برميل يومياً منذ يوليو 2023. وبعد ذلك في شهر يونيو، تم التوصل إلى اتفاقية لتمديد إجراءات تجمع دول أوبك بلس الجماعية حتى النصف الثاني من عامي 2024 و2025 مع الحفاظ على الحصص المنصوص عليها مع التقليل التدريجي للتخفيضات الطوعية للمنتجين، مما سيعيد إنتاج المملكة إلى حوالي 10 ملايين برميل يومياً في أواخر عام 2025، وهو أعلى مستوى له منذ يونيو 2023. وبدا أن هذه الجهود قد آتت ثمارها حيث استقرت أسعار النفط بشكل عام، إذ بلغ متوسط خام برنت 83 دولاراً للبرميل في الفترة من يناير إلى أغسطس من هذا العام، وهو مستوى مشابه لما كان عليه في عام 2023. ولكن تصاعد المخاوف بخصوص صحة الاقتصاد الصيني والأمريكي وبالتالي اتجاه نمو الطلب على النفط أدى إلى هبوط سعر خام برنت ليسجل أقل من 70 دولاراً في 10 سبتمبر لأول مرة منذ عام 2021، ما اضطر المملكة والدول الأخرى إلى تأجيل تخفيف التخفيضات الطوعية للإنتاج لمدة شهرين حتى ديسمبر من العام الجاري. وعلى فرض الالتزام بالجدول الزمني الحالي، فمن المتوقع أن يسجل إنتاج المملكة في عام 2024 انخفاضاً بواقع 7% تقريباً مقارنة بعام 2023 على أن يتعافى بنسبة 7% لاحقاً في عام 2025.

إنتاج النفط السعودي والحصص المحددة في الفترة القادمة (متوسط سنوي)

يحافظ القطاع النفطي على صدارة الموارد في رصيد الميزانية العمومية. وعلى الرغم من ارتفاع متوسط أسعار النفط في النصف الأول من عام 2024 بحوالي 5% مقارنةً بالعام الماضي، انخفض الإنتاج بنسبة 12% مقارنةً بالعام الماضي، وبالتالي انخفضت عوائد الامتيازات ومتحصلات ضريبة الدخل بنسبة 10%، ولكن تأثير هذا الانخفاض تضاءل في مواجهة القفزة التي حققتها توزيعات أرباح أرامكو بواقع 42% بعد استحداث الشركة لطريقة جديدة لتوزيع الأرباح بناء على الأداء بغرض توزيع الأرباح غير المتوقعة التي تعود بالأساس إلى عام 2022، ما أدى إلى ارتفاع إيرادات النفط العامة بنسبة 10%. وفي الوقت نفسه، واصل إيراد القطاعات غير النفطية نموه ليرتفع بواقع 6% مسجلاً رقماً قياسياً جديداً، ولكن تزامن ذلك مع ارتفاع النفقات بنسبة 12% بسبب الزيادة البالغة 43% في النفقات الرأسمالية، التي يرتبط معظمها بمشاريع البنية التحتية الداعمة لرؤية المملكة 2030. وقد أدى ذلك إلى عجز مالي بنسبة 1,3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام، وعلى الرغم من أن هذا العجز أقل من العجز المالي المسجل في النصف الثاني من عام 2023 والبالغ 3,6% من الناتج المحلي الإجمالي، تتوقع وزارة المالية في مراجعتها الاقتصادية النصف سنوية أن يصل العجز عن عام 2024 ككل إلى 2,9% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو معدل أعلى من المتوقع في الموازنة العامة. 

أداء قوي للقطاع غير النفطي في النصف الأول

واصل الاقتصاد غير النفطي أداءه القوي خلال النصف الأول من عام 2024 حيث ارتفع بنسبة 3,8% مقارنةً بالعام الماضي، بقيادة القطاع الخاص الذي حقق نمواُ بنسبة 4,2% مسجلا أقوى أداء له في العام خلال الربع الثاني، إذ سجل القطاع نمواً بنسبة 4,9%. ويعزى هذا النمو إلى قطاعي التجارة والضيافة اللذين حققا نمواً بنسبة 6,4% في النصف الأول من العام إلى جانب النمو الإيجابي في جميع القطاعات غير النفطية الأخرى ومن بينها قطاع النقل والاتصالات (بنسبة 4,8%) والخدمات المالية والأعمال (بنسبة 3,8%). وعلى الرغم من أن نمو قطاع الصناعات التحويلية لم يتجاوز 1,7%، إلا إن هذا النمو يُعد انتعاشًا ملحوظًا، خاصة في ظل تخفيض إنتاج النفط الخام، والذي قد يؤثر على توفر المواد الخام للصناعات النهائية، وكان أحد أسباب انخفاض التصنيع بنسبة 3,5% في عام 2023.

نمو القطاع غير النفطي (%) 

قد يكون هناك تباطؤاً طفيفاً خلال الربع الثالث، وهو الأمر الذي ربما انعكس على تراجع في مؤشر مديري المشتريات، الذي سجل متوسط 55,2 نقطة في الربع الثالث. وعلى الرغم من أن هذا المتوسط يدل على التوسع في الأعمال (أكثر من 50 نقطة)، ولكنه لا يزال أقل من المتوسط المسجل في النصف الأول والبالغ 56,3. وهو ما يتماشى مع توقعات صندوق النقد الدولي بنمو القطاع غير النفطي بنسبة 3,5% لعام 2024 ككل، وهو ما يتوافق مع التقدير الرسمي الذي توصلت إليه وزارة المالية في مراجعتها الاقتصادية نصف السنوية والبالغ 3,4%. وبإضافة هذه النتيجة إلى نتيجة النصف الأول نجد أنهما يشيران ضمنياً إلى تراجع قدره 3% تقريباً في خلال النصف الثاني من العام. ولكن الصندوق يتوقع أن يستعيد نمو القطاع غير النفطي عافيته من جديد ليرتفع إلى 4,4% في عام 2025. ويمكن أن يعزى هذا التسارع المتوقع في حركة النمو إلى افتتاح عدد من المشاريع بدءاً بمترو الرياض وانتهاءً بفنادق البحر الأحمر بالإضافة إلى بدء العمل في مشاريع خاصة بعد نهاية فترات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد- 19.

مراحل الاستدامة

لقد شهدت رحلة المملكة نحو تحقيق الاستدامة سلسلة من المراحل المحورية والإنجازات الرئيسية التي وضعت الأسس لرؤيتها المستقبلية على المدى الطويل. واستناداً إلى رؤية 2030، وضعت المملكة تدريجياً أهدافاً طموحة لتحقيق الاستدامة ونفذت برامج شاملة لتسهيل تحقيق هذه الأهداف. وتتراوح المراحل بين الخطوات التأسيسية الأولى مروراً بوضع مستهدفات ذات طموح متزايد وبرامج منظمة، وانتهاءً بالتركيز على تطوير عوامل التمكين المناسبة لتسهيل التنفيذ. 

ومن ضمن المراحل التأسيسية كانت مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، التي أطلقت في عام 2016 مستهدفات جديدة للقدرة وتوزيع الطاقة. وقد تنامت تلك المستهدفات تباعاً، وهو ما ستتم مناقشته بالتفصيل في القسم التالي من هذا التقرير. وفي الوقت نفسه توجت التغييرات التشريعية بإصدار النظام العام للبيئة في يوليو 2020 تحديثاً لنظام البيئة الذي صدر قبله بعقدين من الزمان لمواجهة التحديات الحالية. ووفرت رئاسة المملكة لقمة مجموعة العشرين في عام 2020 فرصة للإعلان عن إطار عمل الاقتصاد الدائري للكربون والذي يركز على الجهود المبذولة لدمج الاقتصاد الدائري للكربون في جهود التخطيط الاقتصادي لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وإعادة استخدامها وتدويرها والتخلص منها. 

وأعقب ذلك إطلاق مبادرة السعودية الخضراء في عام 2021، وهي برنامج واسع النطاق يتجاوز الحدود الفاصلة بين الجهات الحكومية ويحفز الجهود الرامية لخفض الانبعاثات وحماية البيئة البرية والبحرية واستعادة النظم البيئية إلى حالتها الطبيعية. وشهد انعقاد أول قمة لمبادرة السعودية الخضراء الإعلان عن هدف رسمي لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060؛ وكانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول في المنطقة التي أعلنت عن هدف الوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية، في خطوة رمزية مهمة تأتي من أكبر دولة مصدرة للنفط، والتي كانت تُعتبر في السابق متحفظة بشأن التحول العالمي في مجال الطاقة. وبرزت طموحات المملكة في تحقيق الاستدامة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) الذي انعقد في دبي أواخر عام 2023 سواءُ في الاجتماعات الرسمية أو في المبادرات التي عرضتها المملكة في جناحها الوطني. 

وبالإضافة إلى ذلك بذلت المملكة جهوداً لدمج الاستدامة في مشاريع التمويل، ومن ذلك الإطار العام للتمويل الأخضر الصادر عن وزارة المالية في مارس 2024. وصاحبت هذه التطورات الكبرى عشرات المبادرات الأصغر حجماً في جميع القطاعات الحكومية وكذلك القطاع شبه الحكومي والقطاع الخاص، حيث انتشرت جهود الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في هذه القطاعات. وعلاوة على ذلك، أصبحت الاستدامة أحد موضوعات النقاش الكبرى المطروحة في المؤتمرات مثل مبادرة مستقبل الاستثمار السنوية وهي مجال تؤكد عليه المملكة في جهودها للتعاون الإقليمي، ومنها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر. 

وجاءت هذه الطموحات الواضحة في مجال الاستدامة لتتحدى توقعات بعض المشككين وأصبحت جزءاً من رؤية المملكة للمستقبل في 2030 وما بعدها. 

جدول زمني للتطورات الرئيسية

تتناول استراتيجية الاستدامة في المملكة جانبي العرض والطلب لإدارة الطاقة بما يحقق أهدافها البيئية. فعلى جانب العرض، تستثمر المملكة في البدائل منخفضة الكربون مثل الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية. وتهدف هذه الجهود إلى خفض الانبعاثات مع تنويع مصادر الطاقة. أما على جانب الطلب، فإن التركيز ينصب على تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وخفض الاستهلاك العام في مختلف القطاعات. وتركز الاستراتيجية على تحفيز التوسع في استخدام الكهرباء في النقل والصناعة بما يقلل من انبعاثات الكربون ويتماشى مع توجهات الاستدامة العالمية والمستهدفات الوطنية للوصول إلى مستقبل أكثر حفاظاً على البيئة.

التوسع الكبير في إنتاج الغاز

حتى وقت قريب، كان قطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية يعني بشكل عام إنتاج النفط وتصديره مع توليد الطاقة المحلية من خلال النفط والغاز المصاحب له. ومن المنتظر أن يشهد مستقبل المملكة مزيجًا أكثر تنوعًا وانخفاضًا في الكربون، سواء لتوليد الطاقة المحلية أو للتصدير، مع زيادة ملحوظة في الغاز والطاقة المتجددة وربما الطاقة النووية. 

وفي قطاع الهيدروكربونات، تتوقع المملكة استمرار الطلب بشكل كبير على الهيدروكربونات عالمياً لعقود قادمة، وأن يبقى تزويد هذا الطلب ركن أساسي لاقتصاد المملكة حتى مع تنويع موارده. وقد كانت هناك دفعة لرفع معدل إنتاج الغاز خلال عدد من العقود السابقة لتوفير بديلٍ أرخص منخفض الانبعاثات الكربونية من النفط لتوليد الكهرباء، وفي الوقت نفسه توجيه النفط إلى التصدير وتوفير خامات الإيثان والغاز الطبيعي السائلة للصناعات النهائية. ويأتي معظم إنتاج المملكة من الغاز في صورة منتج ثانوي يخرج من حقول النفط. وبالعودة إلى سبعينيات القرن العشرين، نجد أن معظم هذا الغاز كان يحترق أو يعاد حقنه في الحقل، ولكن نظام الغاز الرئيسي كان ينتشر بخطى ثابتة في مختلف حقول النفط حتى صار يحتجز غالبية الغاز الناتج بحلول منتصف ثمانينيات القرن العشرين. ومازالت الجهود تتواصل لتحسين الكفاءة، فلا تتجاوز نسبة الغاز المحترق حالياً 1% بينما تلتزم أرامكو بإنهاء جميع عمليات الحرق الروتينية بحلول عام 2030. 

أما الغاز الحر الذي لا يصاحب إنتاج النفط فقد ارتفع إنتاجه حالياً ليمثل حوالي نصف إجمالي إنتاج الغاز ويتميز الغاز الحر بأنه لا يتأثر بتحجيم أوبك للحصص النفطية. بدأ تشغيل أول مصنع لمعالجة الغاز غير المصاحب من طبقة في حقل الغوار في عام 2001، وتبعه إنتاج الغاز من الحقول البحرية بما في ذلك كاران والعربية وحصبة. وهناك خطط طموحة للتوسع في إنتاج الغاز تركز بشكل عام على حقل الجافورة، وهو حقل من حقول الغاز غير التقليدية العملاقة يقع شرق حقل الغوار وتقدر كميات الغاز به بنحو 229 تريليون قدم مكعب من الغاز، وهي كمية تعادل جميع احتياطيات الغاز التقليدية للمملكة مجتمعة. وتتطلب الحقول غير التقليدية تقنيات معقدة لاستخراج الخام مثل الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي، وتنتج المملكة بالفعل 0,5 مليار قدم مكعب يومياً من حقلين غير تقليديين أصغر حجماً وهما حقل جنوب الغوار وحقل شمال العربية. وبدأ العمل على حقل الجافورة في عام 2021، ومن المقرر بدء الإنتاج فيه في الربع الثالث من عام 2025 ورفع إنتاجه إلى 2 مليار متر مكعب يومياً بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك لا تزال حقول غاز جديدة تُكتشف، كان آخرها حقل اللدام وحقل الفاروق في عام 2024. 

ويهدف التوسع في إنتاج الغاز إلى إنهاء استخدام النفط في قطاع الطاقة بحلول عام 2030 مما سيوفر حوالي 0,4 مليون برميل يومياً من النفط للتصدير. وإلى جانب إنتاج المزيد من الغاز يتطلب تنفيذ برنامج استبدال الوقود السائل توسيع شبكة الغاز الرئيسية لتوفير الغاز في المجالات المطلوب فيها، بما في ذلك تحويل محطات الطاقة والتحلية إلى استخدام الغاز. وقد تتوفر كمية كافية من الغاز لتصدير الغاز الطبيعي المسال أو تحويله إلى هيدروجين "أزرق" وهي عملية تشمل احتجاز مخلفات ثاني أكسيد الكربون المتولدة خلال عملية الإنتاج وتخزينها. 

التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة

تمتلك المملكة إمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، وقد تم تحديد أهداف طموحة لسعة الإنتاج منذ عام 2013. ورغم عدم تحقيق بعض الأهداف المبكرة، شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في القدرة على التنفيذ، مما يعزز الثقة في الخطط الحالية. وقد تم رفع الهدف الرسمي لعام 2030 العام الماضي من 58,7 جيجاواط إلى نطاق يتراوح بين 100-130 جيجاواط، مما يعكس بعض التحديات في توقع معدل الطلب على الكهرباء، حيث يتمثل الهدف في تلبية ما لا يقل عن 50% من الطلب من خلال مصادر الطاقة المتجددة، على أن يتم توفير الباقي من الغاز.

تم وضع الإجراءات والتمويل اللازمين للعمل نحو تحقيق هذه الأهداف، حيث قامت وزارة الطاقة من خلال مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة (REPDO) وشركة شراء الطاقة السعودية (SPPC) بمنح عقود لأربعة مشاريع. تشمل هذه المشاريع أول محطة للطاقة الشمسية على نطاق واسع في سكاكا، التي بدأت العمل في عام 2021، وأول محطة رياح في دومة الجندل في عام 2022. كما تم طرح مشاريع من قبل صندوق الاستثمارات العامة، الذي كُلّف بتحقيق 70% من هدف الطاقة المتجددة الوطني، ويتم تنفيذ ذلك من خلال شركة بديل التابعة له وبالتعاون مع شريكها أكوا باور وأرامكو. أول مشروع دخل الخدمة هو محطة سدير للطاقة الشمسية بقدرة 1.5 جيجاواط، والتي بدأت الإنتاج في سبتمبر 2023، وتُعد الأكبر في المملكة. وهناك أيضًا شركات عامة وخاصة أخرى تطور مشاريع للطاقة المتجددة، بما في ذلك الشركة السعودية للكهرباء وأرامكو والفنار.

تمتلك المملكة الآن السياسات والقدرات وهياكل التمويل اللازمة، مما يعني أنه حتى إذا لم يتم تحقيق المستهدفات بحلول عام 2030، فمن المحتمل أن تتحقق بعد ذلك بفترة قصيرة واعتباراً من سبتمبر 2024، تعاقد مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة وصندوق الاستثمارات العامة على إجمالي 21 مشروعاً بقدرة 19 جيجا واط، كان أقربها لدخول الخدمة محطة الرس للطاقة الشمسية بقدرة 700 ميجا واط في أغسطس، وتشير تقديراتنا إلى دخول ما يقرب من 5 جيجا واط إلى الخدمة بنهاية عام 2024، بزيادة أكثر من خمسة أضعاف خلال عامين. ومن المتوقع أن تتضاعف القدرة المولدة في عام 2025 على أن تتضاعف مرة أخرى في عام 2026 لتصل إلى حوالي 21 جيجا واط بناء على تقديرات الأطر الزمنية للمشاريع المعلن عنها. 

ومن المتوقع ترسية المزيد من عقود المشاريع بنهاية العام بما في ذلك توليد 3,7 جيجا واط موزعة على أربعة مشاريع في الدورة الخامسة لمنافسات مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة. والهدف هو طرح القطاع العام منافسة لتوليد 20 جيجا واط سنوياً حتى تحقيق مستهدفات الطاقة المتجددة. وعلى فرض استمرار طرح المنافسات بنفس الوتيرة مع مراعاة الوقت اللازم لتوليد القدرة المطلوبة، فهذا قد يقربنا من تحقيق مستهدف عام 2030. ولتسريع هذه العملية، أطلقت وزارة الطاقة مسحاً جغرافياً وطنياً في يوليو لتحديد المواقع المناسبة للمنافسات. وسيظل التحدي الآخر في تعزيز قدرة شركات مثل أكوار باور لتنفيذ عدد كبير من المشاريع بالتوازي وهو ما سيتطلب تدريباً واسعاً للمواطنين سعوديين والاستعانة بوافدين ممن يملكون المهارات المناسبة. 

ويعد التوسع الدراماتيكي في محطات توليد الطاقة من مصادر متجددة أمر له وجاهة من الناحية الاقتصادية نظراً لما تمتلكه المملكة من موارد ممتازة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مواقع يمكن تطويرها بتكلفة ميسورة. وقد حلت المملكة في المركز السادس بين أعلى الدول من حيث إمكانات الطاقة الشمسية (34 إكساجول/ سنوياً) والمركز الثالث عشر بين أعلى الدول في طاقة الرياح البرية (0,5 إكساجول) في قاعدة بيانات شركة شل لموارد الطاقة العالمية، الأمر الذي أدى بدوره إلى تسجيل المملكة انخفاضاً قياسياً أكثر من مرة في أسعار الطاقة المتجددة، كان آخرها في مايو 2024 حيث وقعت الشركة السعودية لشراء الطاقة عقداً مع مشروع محطة الغاط المخطط لها لطاقة الرياح بقدرة 600 ميجا واط بتكلفة موحدة للكهرباء تصل إلى حوالي 1,56 سنت أمريكي/ كيلو واط. هذا بالإضافة إلى تسجيل عقد محطة الفيصلية بقدرة 600 ميجا واط لانخفاض قياسي في عام 2021 في تكلفة الطاقة الشمسية ليصل إلى 1,04 سنت/ كيلو واط. ومع هذه التكاليف المنخفضة سجلت مشاريع أخرى من المشاريع المتعاقد عليها في السنوات الأخيرة ارتفاعاً في التكلفة لتصل إلى 2,5 سنت/ كيلو واط، ولكن تظل هذه التكلفة أرخص بكثير من محطات الغاز التي تعمل بنظام الدورة المركبة والتي قد تتكلف على الأقل 3 سنتات/ كيلو واط، حتى وإن كان الغاز متوفراً بسعر مدعوم منخفض للغاية كما هو الحال في المملكة. ولا شك أن نجاح برنامج الطاقة المتجددة يعني بداية التحول نحو قدرة التخزين والتي ستكتسب أهمية عندما يمثل توليد الكهرباء المتقطع النسبة الأكبر من قدرة الشبكة. 

القدرات النووية

لدى المملكة العربية السعودية اهتمام قديم بالطاقة النووية، والذي تجسد في اقتراح مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في عام 2013 لبناء القدرة النووية بما يمكن المملكة من توليد الكهرباء بقدرة 17 جيجا واط بحلول عام 2032، وهو الهدف الذي تأجل لاحقاً إلى عام 2040 (مع تأجيل هدف الطاقة المتجددة في نفس الوقت). ومنذ ذلك الحين، لم تشهد المملكة التعاقد على أي مشاريع كبرى في هذا القطاع باستثناء مفاعلاً اختبارياً منخفض الطاقة والذي اكتمل العمل فيه العام الجاري من جانب شركة إنفاب الأرجنتينية. 

ولكن وفي ظل سرعة التوسع في قدرات الغاز والطاقة المتجددة مقارنة بتكلفة الطاقة النووية وتعقيدها، فلا يرجح حالياً أن تكون الطاقة النووية مصدراً مهماً للطاقة في المملكة على المدى المتوسط على الرغم من وجود تطبيقات مصغرة لاسيما فيما يتعلق بالجيل الجديد من تصميمات المفاعلات النووية النمطية الصغيرة.

الصناعة الخضراء والبنية التحتية 

لطالما أدركت المملكة العربية السعودية وجود فرصة هائلة لربط استثمارها في الطاقة المتجددة بتطوير نشاط الصناعات الإنتاجية على المستوى المحلي في إطار أهداف أوسع لتوطين الصناعة وتنويع الموارد. وشهدت المملكة تصنيع أول الألواح الشمسية على يد شركة دي تي إندستريز في جدة التي أصبحت تنتج ألواحاً شمسية بقدرة 300 ميجا واط سنوياً في عام 2023 وتستهدف تعزيز هذا الإنتاج ليصل إلى قدرة 3 جيجا واط بحلول عام 2025. وفي تطور مهم في يوليو 2024، وقعت شركة توطين للطاقة المتجددة، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة، اتفاقيات مع ثلاث شركات صينية هي جينكو سولار ولوميتيك وإنفيجن إنرجي لتطوير مكونات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. 

وقد تستخدم بعض هذه المكونات المنتجة محلياً في أكبر مشروع للطاقة النظيفة بالمملكة وهو مشروع محطة شركة نيوم للهيدروجين الأخضر في أوكساجون، حيث حققت المحطة إغلاقاً مالياً بقيمة 8,4 مليار دولار في عام 2023 بالمرحلة الأولى لها والتي من المتوقع أن تبدأ الإنتاج في عام 2026 من خلال استخدامها للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقدرة 4 جيجا واط لإنتاج 1,2 مليون طن/ سنوياً من الأمونيا، وهو الجزيء الناقل المفضل لحمل طاقة الهيدروجين. ويجري حالياً تطوير المشروع على يد صندوق الاستثمارات العامة بالتعاون مع شركة إير بروداكتس الأمريكية التي وقعت اتفاقية لشراء الإنتاج لمدة 30 سنة مما يقلل من مخاطر المرتبطة بالمشروع الذي من المتوقع أن يكون أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر وقد يتم التوسع فيه في المستقبل. 

ومن أهم مجالات الاستثمار في التقنية الخضراء الاستثمار السيارات الكهربائية، حيث تعمل المملكة حالياً على إنشاء مركز تصنيع في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بهدف إنتاج 150 ألف مركبة بحلول عام 2026 ونصف مليون مركبة بحلول عام 2030 مع توطين معظم مكونات سلسلة توريد المكونات. ويجري حالياً تنفيذ الأهداف من خلال ثلاث شركات هي مجموعة لوسيد الأمريكية، التي يملك فيها صندوق الاستثمارات العامة 60%، والتي افتتحت أول منشأة لها بالمملكة في عام 2023 لتبدأ بإعادة تجميع السيارات المرسلة في صورة قطع منفصلة من مصنعها الرئيسي في أريزونا حيث تستثمر الشركة في تطوير خط إنتاج كامل، وشركة سير، وهي مشروع مشترك بين الصندوق وشركة فوكسكون من تايوان، والتي تطور طرازاتها الخاصة من السيارات الكهربائية باستخدام تقنية مأخوذة من شركة بي إم دبليو. وقد قطعت شركة سير شوطاً كبيراً في عام 2024 من خلال ترسية عقد بقيمة 1,3 مليار دولار أمريكي على شركة قادة البناء الحديث لبناء مصنعها وعقد بقيمة 2,2 مليار دولار أمريكي مع شركة هيونداي ترانسيس لتوريد نظم قيادة السيارات الكهربائية لمركباتها. بالإضافة إلى ذلك أبرمت هيونداي موتورز شراكة مع الصندوق لتطوير مصنع للسيارات الكهربائية والسيارات التقليدية، مع هدف بدء العمليات في عام 2026. 

وفضلاً عن تطوير السيارات الكهربائية، تعمل المملكة على شراء هذه السيارات لاستخدامها في القطاع العام وتطوير شبكة شحن لها. وتخطط شركة البنية التحتية للسيارات الكهربائية، وهي مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة والشركة السعودية للكهرباء، لتركيب 5000 شاحن سريع بحلول عام 2030. وفي عام 2022، تعهدت الحكومة بشراء ما يصل إلى 100 ألف سيارة من السيارات الكهربائية التي سينتجها مصنع لوسيد خلال العقد الأول من تشغيله. ومن بين المحاور الأخرى التي ينبغي التركيز عليها في هذا السياق سلسلة توريد البطاريات والمعادن الأولية الداخلة في تركيبها. وفي هذا الإطار تأسست شركة منارة المعادن في عام 2023 كمشروع مشترك بين شركة معادن وصندوق الاستثمارات العامة لشراء المعادن الرئيسية من الخارج وشمل ذلك التخطيط لضخ استثمار كبير بعام 2030 في نشاط شركة (فيل) البرازيلية العملاقة في المعادن الانتقالية للطاقة وتجري حالياً جهود لتوسيع عمليات الاستكشاف والتعدين داخل المملكة. هذا بالإضافة إلى الإعلان عن مشاريع لاستخراج الليثيوم من خام السبودومين ومن بينها مشروع مجموعة إي في ميتالز الذي أعلن عن خطط في عام 2021 لتطوير مصنع في ينبع، ومشروع شركة يوربيان ليثيوم الذي انطلق لاحقاً في عام 2023. 

ويمثل قطاع السياحة بالمملكة العربية السعودية فرصة فريدة لدمج عنصر الاستدامة في خطط التنمية وتعزيز الحفاظ على البيئة. وتدرك المملكة أهمية الحفاظ على التنوع في المناظر الطبيعية والنظم البيئية بها، ليس لإمكانياتها الاقتصادية فحسب وإنما لأهميتها البيئية كذلك. فعلى سبيل المثال، تستهدف مبادرة المحميات الملكية حماية المناظر الطبيعية والتنوع الحيوي في المملكة وإعادتهما إلى حالتهما الأصلية وحماية الأنواع العربية الشهيرة مثل الغزلان والوعل النوبي المهددة بالانقراض بسبب حركة الزحف العمراني وفقدان الموائل والصيد غير النظامي. وتوفر هذه المحميات كذلك ملاذاً للطيور المهاجرة والثعالب الحمراء وابن آوى الذهبي، مما يحقق توازنًا بين الحفاظ البيئي والتراث الثقافي. وتعزز هذه المحميات، التي تجذب أكثر على 400 ألف زائر سنوياً، السياحة المستدامة وتساهم في الحفاظ على البيئة والنمو الاقتصادي على حد سواء مع التخطيط لضخ استثمارات في البنية التحتية تقدر بحوالي 350 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2030. 

تحسين كفاءة الطاقة والموارد

تستكمل الجهود الرامية إلى التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة والغاز من خلال مجموعة من المبادرات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد. وتشير التقديرات إلى أن برنامج كفاءة الطاقة السعودي ساهم منذ انطلاقه في عام 2012 في تحقيق وفر في الطاقة يعادل حوالي 0,5 مليون برميل يومياً من النفط، من خلال تحسين كفاءة المباني وخفض كثافة استخدام الطاقة في الصناعة وتطوير المواصلات العامة. ستتقدم هذه الجهود بشكل أكبر في أواخر 2024 عند افتتاح مترو الرياض، مما سيحول نسبة كبيرة من وسائل النقل في المدينة بعيدًا عن الطرق. كما تخضع كثافة انبعاثات الكربون من الصناعة حالياً للمعالجة من خلال تقنية احتجاز الكربون واستغلاله وتخزينه، وهي تقنية تملك المملكة من المؤهلات ما يسمح لها باستخدامها نظراً لخبرة المملكة في الحفر وتوفر المستودعات المناسبة لتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون بعد احتجازه. وتحتجز شركة سابك حالياً 1,3 مليون طن/ سنوياً من ثاني أكسيد الكربون في إطار واحد من أكبر المشاريع بالعالم التي تهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية لاحتجاز الكربون واستغلاله وتخزينه إلى 11 مليون طن/ سنوياً بحلول عام 2035. 

ومن التحديات الملحة كذلك في هذا السياق الاستدامة المائية حيث تعتمد المملكة العربية السعودية بوصفها واحدة من أكبر منتجي المياه المحلاة عالمياً على عملية التحلية التي تستهلك كماً كبيراً من الطاقة بسبب مناخها الجاف وغياب الأنهار الدائمة. وتمثل الآثار البيئية لعملية التحلية بما في ذلك صرف المياه المالحة الذي يضر بالحياة البحرية تحديات كبيرة مما حدا بالمملكة إلى ضخ استثمارات في تقنيات تحلية مستدامة واستكشاف بدائل لمصادر المياه مثل مياه الصرف المعالجة وتطوير تدابير الحفاظ على المياه. كما تركز المملكة حالياً على تحسين كفاءة بنيتها التحتية المتعلقة بالمياه والترويج لممارسات توفير المياه بين سكانها. 

رؤية 2050

حققت المملكة العربية السعودية – كما هو مبين في هذا التقرير – تقدماً كبيراً في مجال الاستدامة عبر مختلف القطاعات، مع وجود خطط لتسريع التقدم في السنوات الأخيرة من رؤية 2030، الأمر الذي من شأنه أن يخلق مئات الآلاف من فرص العمل في قطاعات تمتد من الصناعة إلى السياحة، مما سيساهم بشكل كبير في الاقتصاد غير النفطي، وهو ما يثير السؤال التالي: - ماذا بعد؟

من المرجح أن تعلن الحكومة في الجزء الأخير من هذا العقد عن خطة لاحقة، ربما رؤية 2040 أو 2050، تحدد من خلالها أهدافها للمرحلة التالية من التنمية. ومن المرجح أن تنظر مثل هذه الرؤية إلى أبعاد أوسع من ذلك بكثير في مجال تحول الطاقة. ولتحقيق أهداف الأمم المتحدة بشأن المناخ، تشير بعض التقييمات إلى ضرورة خفض استهلاك النفط العالمي بنحو الثلثين بحلول عام 2050، في حين تشير توقعات أوبك إلى مواصلة الطلب ارتفاعه حيث من المتوقع أن يرتفع بنحو السدس ليصل إلى 120 مليون برميل يومياً بحلول عام 2050. ومع ذلك، فإن المنطق السليم يدفع المملكة للمضي قدماً في جهود الاستدامة محلياً.

وقد تشهد الرؤية التالية مستهدفات أكثر طموحاً لتوليد الطاقة المتجددة، والانتقال من المستوى المستهدف في رؤية 2030 والمتمثل في توليد نصف الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة إلى توليد كامل احتياجات الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة. وقد يشمل ذلك وقف بناء المحطات الجديدة التي تعمل بالغاز والتخلص التدريجي من المحطات القائمة، فضلاً عن التوسع في تدابير كفاءة استخدام الطاقة. كما قد يكون هناك دفع كبير نحو تعزيز استخدام المركبات الكهربائية، لأسباب عدة، خاصة مع توافر قدرات الإنتاج المحلي بحلول عام 2030. وقد تلتزم الحكومة باستخدام المركبات الكهربائية في أسطولها، والاستثمار في البنية التحتية للشحن ودعم شراء المركبات الكهربائية، باستبدال الدعم الحالي لاستهلاك الوقود الأحفوري، الذي يقدره صندوق النقد الدولي بحوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المتوقع أيضاً أن يؤدي التحول الناجح نحو الطاقة النظيفة على المستوى المحلي إلى الاستغناء عن الغاز في المحطات بحيث يجري تصديره على شكل غاز طبيعي مسال أو أمونيا زرقاء ليحل محل أنواع الوقود الأكثر تلويثاً مثل الفحم في الخارج. ويعد احتجاز الكربون وتخزينه في قطاع المواد الكيميائية طريقة أخرى يمكن للمملكة من خلالها الاستفادة من احتياطاتها من الهيدروكربونات بشكل نظيف. ويمكن أيضاً زيادة صادرات الطاقة الخضراء، بما في ذلك زيادة إنتاج الهيدروجين، الذي تشير بعض التوقعات إلى أنه سيشكل حوالي 15% من مصادر الطاقة العالمية في سيناريو الوصول بانبعاثات الكربون إلى الصفر، كما يمكن للمملكة توسيع صادراتها المباشرة من الكهرباء إلى جيرانها، مستفيدة من شبكة الربط الحالية مع العراق ومصر ودول أخرى.

كما أن التزام المملكة المستمر بالاستدامة، إلى جانب رؤيتها الجريئة للتنمية المستقبلية، يضع المملكة العربية السعودية في مكانة تمكنها من لعب دور حاسم في تحول الطاقة العالمي. من خلال الاستمرار في مبادرات الطاقة النظيفة، والتوسع في التقنية الخضراء، وبناء مجموعة من الشراكات الاستراتيجية ، تتهيأ المملكة العربية السعودية ليس فقط للنمو الاقتصادي المستمر ولكن أيضًا لقيادة الاقتصاد الأخضر العالمي في السنوات القادمة.

Contact us

Riyadh Al Najjar

Riyadh Al Najjar

PwC ME Chairman of the Board & Saudi Country Senior Partner, PwC Middle East

Faisal Al-Sarraj

Faisal Al-Sarraj

KSA Deputy Country Leader, PwC Middle East

Stephen Anderson

Stephen Anderson

Chief Strategy & Technology Officer, PwC Middle East

Richard Boxshall

Richard Boxshall

Global Economics Leader and Middle East Chief Economist, PwC Middle East

Tel: +971 (0)4 304 3100

Jing Teow

Jing Teow

Partner | Economic Policy and Strategy, PwC Middle East

Tel: +971 (0)56 247 6819

Follow us