Elevating business alignment in cybersecurity strategies through the concept of use cases

من الأزمة إلى الرؤية: إعادة النظر في الخدمات المُدارة في الشرق الأوسط

باتت الخدمات المُدارة في منطقة الشرق الأوسط تضطلع بدور جديد تماماً، فهي أصبحت أداة استراتيجية محرّكة للشركات والطموحات الوطنية. اكتشف معنا كيف تعيد المنطقة ابتكار تقديم الخدمات من أجل بناء اقتصادات قوية محصّنة للمستقبل

لا تبدأ الخدمات المُدارة عادةً من عدم، 
بل تنبثق من مشكلة معيّنة.

أثبتت الخدمات المُدارة جدارتها في الكثير من حالات جهود المعالجة المعقدة التي تولّيت قيادتها في المملكة المتحدة وأستراليا. فقد شكّلت حلاً لمشاكل الإخفاق وذلك عبر العمل على استقرار العمليات التشغيلية، واستعادة الثقة، وإنفاذ المساءلة على نطاق واسع. 

إلا أن الوضع مختلف في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن الخدمات المُدارة ليست استجابةً لمشاكل قائمة بل إنها استراتيجيات استباقية تم تصميمها كبنية تحتية أساسية تعزيزاً للنجاح على المدى الطويل ولعمليات التحوّل الوطني. 

من هذا المنطلق، تعمل حكومات المنطقة بدءاً من "رؤية السعودية 2030" وصولاً إلى "نحن الإمارات 2031"، على تمهيد الطريق لمستقبل واعد من خلال التنويع، والرقمنة، والإصلاحات. ويتجلى حجم نطاق التحوّل هذا في النمو سوق التحوّل الرقمي في الشرق الأوسط، الذي من المتوقع أن يرتفع من 50.26 مليار دولار أمريكي في العام 2025 إلى نحو 150 مليار دولار أمريكي بحلول العام 12030.

وتُعتبر الخدمات المُدارة في المنطقة ممكّناً استراتيجياً لهذه الطموحات، حيث تساهم في تسريع وتيرة إنجاز المشاريع المعقدة، وبناء القدرات المؤسسية، والحفاظ على الأثر المنشود على نطاق واسع عبر القطاعين العام والخاص. تتوزّع الخدمات المُدارة عبر مختلف الوظائف مثل العمليات المالية، والمشتريات، والامتثال، والموارد البشرية، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، وتساعد في بناء قدرات مرنة وطويلة المدى تدعم أهداف التحول الوطني.

من المتوقّع أن يولّد سوق الخدمات المُدارة العالمية وفي العام 2025، إيرادات بقيمة 25.67 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقّع أن تساهم دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها بمبلغ 79.77 مليون دولار أمريكي، ما يعكس الطلب الإقليمي المتزايد على الحلول التشغيلية التي تتم إدارتها من قبل جهات خارجية والقابلة للتوسع.2

الأمر لا يتعلق بالاستعانة بمصادر خارجية، بل ببناء القدرات. Shapeلا شكّ في أن الخدمات المُدارة التي كانت تُعتبر سابقاً مهام مكتبية روتينية، شهدت تطوّراً كبيراً. وتشكّل هذه المسألة تحوّلاً جوهرياً يتمثّل بالانتقال من مجرد تعهيد المهام إلى تمكين القدرات الاستراتيجية في صميم العمليات التشغيلية. ولم تعد المسألة تتعلق بالتكليف إلى جهة خارجية، بل ببناء حلول متكاملة وعالية الأثر تعزز القيمة على المدى الطويل.

وبفضل الشراكات والتحالفات الاستراتيجية، بوسعنا الآن تزويد شركات المنطقة بالخبرات القطاعية والتقنية اللازمة التي تؤدي دوراً محورياً في هيكلة الخدمات الأكثر تعقيداً مثل إدارة عمليات التحوّل، والبنية التحتية، والمجال الرقمي، والخدمات المؤسسية، والضرائب، والشؤون القانونية، والجرائم المالية، والمخاطر والضوابط ذات الصلة. وتشكّل مراكز تقديم الخدمات الخاصة بنا الموزعة عبر المنطقة مثل الخبر والرياض في المملكة العربية السعودية، وعمّان في الأردن، والقاهرة في مصر، خطوة في هذا الاتجاه بما يتماشى مع برامج التحوّل المتنامية في المنطقة.

وفي ضوء التوجّهات الضخمة المرتبطة بالتغييرات الجذرية الناجمة عن الذكاء الاصطناعي وتغيّر المناخ، إلى جانب عدم الاستقرار الجغرافي السياسي والاقتصادي الكلي، تبحث شركات المنطقة عن الخبرة في المجال، والحلول التقنية، والتميّز التشغيلي من أجل تحقيق نتائج مستدامة. 

من المتوقع أن ترتفع الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي في المنطقة من 4.5 مليار دولار أمريكي في العام 2024 إلى 14.6 مليار دولار أمريكي بحلول العام 32028، كما أن 88% من الرؤساء التنفيذيين في دول مجلس التعاون الخليجي باتوا يعتمدون حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي.4 يشير ذلك إلى أن الشركات في منطقة الشرق الأوسط جاهزة للخدمات المُدارة من الجيل التالي. وبفضل الأتمتة، والبيانات في الوقت الحقيقي، والمنصات المتكاملة، تحوّل هذه الخدمات الطموحات الاستراتيجية إلى نماذج إنجاز ذكية وقابلة للتوسيع تساهم في تسريع وتيرة الحصول على النتائج المنشودة.

من هنا، يصبح السؤال: 
إذا كان السياق مختلفاً، ألا يجب أن يختلف النموذج التشغيلي أيضاً؟

تخطى نطاق الخدمات المُدارة في العديد من المناطق، نطاق الاحتياجات على صعيد الامتثال ومراقبة التكلفة.  ولدينا في منطقة الشرق الأوسط، فرصة لإعادة تصوّر الخدمات المُدارة بالكامل كأدوات لبناء القدرات الوطنية.

ماذا لو أصبحت الخدمات المُدارة الركيزة التشغيلية الأساسية لعمليات التحوّل؟ 

لننظر في الإمكانات:

  • من الممكن أن تصبح جزءاً من خدمات المؤسسية على مستوى الحكومة ككل، ما يضمن الاتساق والشفافية والكفاءة عبر الوزارات والمؤسسات الوطنية. ولدينا مثال حي وهو المملكة العربية السعودية حيث تمكّن الخدمات المُدارة الابتكار والسرعة والقدرة على الصمود والمرونة. 

  • تضمن هذه الخدمات عملية إنجاز مدعومة بالتقنيات وقائمة على الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، والبيانات في الوقت الحقيقي ما يمكّن إنشاء نظم ذكية متكاملة تعمل بشكل ميسّر ومنظّم على صعيد مختلف المنصات ومقدّمي الخدمات.

  • كما تعزز هذه الخدمات مرونة القطاع المالي، ما يساعد المؤسسات على المواءمة مع المعايير العالمية، وإدارة المخاطر الناشئة، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة.

في منطقة ترسم معالمها برامج إصلاح جريئة سواء كانت على صعيد البنية التحتية، أم المؤسسات، أم الفعاليات الضخمة، من الطبيعي أن تصبح الخدمات التي تدعم التقدّم في موقع الصدارة. ويتعيّن تصميم هذا النوع من الخدمات بالشكل المناسب لتحقيق النتائج اللازمة وفقاً لنطاق التحول الوطني وطموحاته.

بناءً على ذلك، هذه هي الأسئلة التي يجب على كل دولة طرحها: 

ماذا لو كانت الخدمات المُدارة أكثر من وسيلة لضبط التكلفة؟ ماذا لو كانت ركيزة لبناء الوطن؟

ماذا لو أصبح الإنجاز قدرة سيادية، بنفس أهمية الطاقة، أو المياه، أو الأمن؟

ماذا لو لم يكن المجال المهم التالي للوطن عبارة عن أراضٍ، أو نفط، أو دفاع، بل النظم والخدمات التي تدعم عملية الإنجاز؟  
وماذا لو أن الدول التي ستتولى الريادة مستقبلاً ليست تلك التي تمتلك النسبة الأكبر من الموارد، بل تلك التي تستطيع تحقيق النسبة الأكبر من الإنجازات بشكل أسرع، وأكثر ذكاءً، وعلى نطاق واسع؟

وفي قلب هذا التحوّل، يمكن للخدمات المُدارة وفق المعايير العالمية أن تشكّل الممكّن الأساسي الذي يحوّل الطموحات إلى أفعال، والرؤية إلى واقع ملموس.


المؤلف

Ben Boyd

Managed Services Delivery Lead, PwC Middle East

Email

Follow us