
يتأثر سلوك المستهلك في الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم بثلاثة عوامل رئيسية تتمثّل في التأخير في سلاسل التوريد، وارتفاع نسبة التضخم وتكاليف المعيشة. وقد أصبح المستهلكون أكثر حساسية تجاه الأسعار ويبحثون عن العروض الأكثر ملاءمة، وتتفاوت نسبة قلقهم إزاء شؤونهم المالية بحسب الدول.
يبقى التسوّق داخل المتاجر أمراً رائجاً بين المتسوّقين، وتحديداً أولئك الذين يرغبون في تفحّص المنتج بشكل مباشر قبل شرائه. ومع ذلك، تتزايد القاعدة الشعبية للتسوّق عبر الإنترنت حيث يحافظ على مكانته كمعيار للقطاع، وخاصة للمستهلكين الملمّين بالتكنولوجيا.
تستمر التكنولوجيا في التأثير على الأسلوب الذي يتّبعه المستهلكون في التسوّق. وعلى الرغم من أن تقنية الميتافيرس وتطبيقاتها ما زالت في مراحلها الأولى من التطوير، إلا أنها تكتسب شعبية في أوساط جيل الألفية.
أصبحت أسعار السلع الاستهلاكية المرتفعة مسألة تثقل كاهل المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط عند زيارتهم للمتاجر. وقد تمّ تصنيفها في المرتبة الثالثة بين أكثر المسائل إلحاحاً، وفي المرتبة الأولى كأحد أكبر القضايا التي يواجهها المتسوّقون داخل المتاجر عبر الإنترنت. كما يعاني المستهلكون في المنطقة من مشاكل أخرى ذات أهمية تتمثّل في طوابير أكبر ومتاجر أكثر ازدحاماً، واستغراق وقت أطول لإيصال المنتج، وتراجع في تنوّع المنتجات ونفاذ بعضها.
يلجأ المستهلكون نتيجةً لهذه المسائل التي تتم مواجهتها، لاتخاذ مجموعة من التدابير في سبيل معالجتها وتخطّيها. يلجأ أكثر من 40% من المستهلكون لتخطّي المشاكل إلى استخدام مواقع المقارنة والتسوّق من عدّة متاجر تجزئة لتلبية احتياجاتهم. حيث قد يتجّه 36% منهم بشكل عام إمّا إلى التسوّق عبر الإنترنت أو تغيير متجر البيع بالتجزئة، أو استبداله بمنتج من علامة تجارية أخرى (29%) وستتحول النسبة نفسها إلى شراء المنتجات ذات العلامات التجارية الخاصة ببائعي التجزئة، ممّا يشكّل فرصة هامة لتجار التجزئة لحل مشاكل سلسلة التوريد و توسيع قاعدة المستهلكين لديهم.
سؤال: كم مرة لجأت إلى اتخاذ تدابير لمواجهة المسائل المتعلقة بسلسلة التوريد؟
تفاقمت المشاكل المتعلقة بسلسلة التوريد التي تؤثر في طلب المستهلك للمنتج بفعل التضخم المتزايد. ونتيجة لذلك، أصبح 79% من المستهلكين يشعرون بالقلق حيال وضعهم المالي.
يتوقّع المستهلكون في منطقة الشرق الأوسط في الأشهر الستة المقبلة نموّاً في حجم الإنفاق، وتحديداً على المواد الغذائية (47%)، والأزياء (40%)، إلكترونيات المستهلك (36%). في المقابل، يتوقّع 45% من المستهلكين في المنطقة الذين شاركوا في الاستطلاع، هبوطاً في إنفاقهم على المنتجات التي تحمل علامات تجارية فاخرة. كما يتأثر التعليم الافتراضي (37%) والترفيه المنزلي (37%) بهذا التوجّه.
يبحث المستهلكون في يومنا هذا عن العروض، إذ يبتاع أكثر من 40% من المستهلكين في المنطقة وحول العالم المنتجات ذات "السعر الخاص" من تجار التجزئة الذين يقدّمون القيمة الأفضل. تُستخدم مواقع المقارنة بين الأسعار للبحث عن بدائل ذات سعر أقلّ كخطوة لمواجهة المناخ الاقتصادي وأثره المحتمل على تكاليف المعيشة. وبالنتيجة، ستلاحظ العلامات التجارية الفاخرة أن جميع المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط الذين شاركوا في الاستطلاع سينفقون أموالاً أقلّ على منتجاتها.
يستمر التسوّق عبر الإنترنت في التوسّع بقاعدته الشعبية وبأشكال عدّة، لكن ما زال التسوّق داخل المتاجر يؤدي دوراً رئيسياً في سلوك المستهلكين الاعتيادي؛ في الرغبة في رؤية السلع وحملها، بالإضافة إلى الشعور الإيجابي الذي تمنحه زيارة المتاجر المادية الفعلية لم تتلاشَ. على الرغم من الهبوط في حجم التسوّق اليومي، إلا أن المستهلكين في المنطقة أكثر نشاطاً ولو بقليل من أقرانهم حول العالم في القيام بعمليات الشراء اليومية. وتشكّل الهواتف الجوّالة القنوات الرئيسية التي يستخدمها المستهلكون في المنطقة للتسوّق يومياً وأسبوعياً عبر الإنترنت.
ما زالت تقنية الميتافيرس في مراحلها الأولى، لكن استخدامها لتعزيز استهلاك السلع المباعة بالتجزئة أمر لا مفرّ منه. يجهل الكثير من المستهلكين حالياً ماهية العالم الافتراضي. وعلى الرغم من أن 35% من المستهلكين في المنطقة قد سمعوا بتقنية الميتافيرس، إلا أن 10% فقط قاموا بشراء السلع باستخدام هذه التقنية في البحث عن المنتج واختباره.
تبرز تقنيات جديدة على الإنترنت تهدف إلى تحسين تجربة التسوّق، لكنها تترافق دائماً مع حذر من انتهاك خصوصية بيانات المستخدم. يشعر المستهلكون في المنطقة بقلق شديد حيال خصوصية بياناتهم، حيث يشكّل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية مصدر قلق كبيرل (40%) من المستهلكين و (37%) عند التفاعل مع وسائل الإعلام. يتجّه ما يقارب نصف المستهلكين في المنطقة إلى عدم مشاركة بيانات شخصية أكثر مما هو ضروري، ويعدّ ذلك خطوة رئيسية لمعالجة قلقهم إزاء خصوصية بياناتهم. وإذا أردنا احتساب نسبة مخاوف الناس، نجد أن أكثر من 30% من المستهلكين في المنطقة نادراً ما يشترون أو أنهم لا يشترون بتاتاً منتجات من هذه الشركات غير الموثوقة.
تشمل نتائج منطقة الشرق الأوسط في الإصدار الخامس من الاستطلاع العالمي لآراء المستهلكين الذي أجرته شركة بي دبليو سي، إجابات من 771 مستهلكاً في مصر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، حيث تُقسم الإجابات بين 58% ذكور و 42% إناث. تتوزّع 86% من العيّنات في الفئة العمرية 18-41 عام، ممّا يعكس الخصائص الديموغرافية اليافعة في المنطقة، بالإضافة إلى أن 74% هم موظفين. يفيد 39% من المشاركين أنهم يشغلون وظائف ذات نمط عمل هجين ممّا يتيح لهم إنجاز مهامهم من أي مكان.
يشير هذا التقرير إلى نتائج منطقة الشرق الأوسط مع وإلى توقيت العمل الميداني للاستطلاعات التالية:
"إذا أراد تجار التجزئة في الشرق الأوسط الحفاظ على سلاسة تسليم منتجاتهم للمستهلكين فلابد لهم أن يلجأوا إلى التكنولوجيا. ولا شك أن يتأثر المستهلكين وتجار التجزئة بارتفاع التضخم وتكلفة المعيشة، وهو ما يؤثر بدوره على كيفية تسوق المستهلكين واختيار نمط حياتهم. ويستعد المستهلكون إلى دخول عالم يغلب عليه الطابع "المادي الرقمي" ويمزج بين مزايا التسوق في المحلات والتسوق عبر الإنترنت سعياً منهم إلى الجمع بين راحة الشراء عبر الإنترنت وثقة الشراء من المتجر التقليدي. واليوم نرى مدى سهولة لجوء المستهلكين وتحولهم إلى قنوات مادية رقمية جديدة تناسب سلوكهم الاستهلاكي."
التضخّم وارتفاع الأسعار يرسمان معالم المستهلك الجديد في منطقة الشرق الأوسط
Inflation and rising prices shape a new hybrid Middle East consumer
Imad Matar
Partner, Transaction Services Leader, PwC Middle East
Tel: +966 (11) 211 0400 (ext 1501)