بينما نخطو قدماً تجاه مستقبل أكثر استدامة، تبرز حاجة متزايدة إلى تطوير النظم المالية، بحيث لا يقتصر هدفها على تحقيق عائدات اقتصادية فحسب بل على تحفيز العدالة الاجتماعية والمحافظة على البيئة. ويضطلع التمويل المستدام بدور محوري لجهود بلدان مجلس التعاون الخليجي لتحقيق أهداف المناخ والاستدامة مع تعزيز المرونة الاقتصادية. يستعرض الجزء الأول من سلسلتنا للتمويل المستدام تطور التمويل المستدام ومشهده العالمي، مسلطاً الضوء على ظهوره، وأهمية القمم المناخية المؤثرة - مثل دورات مؤتمر الأطراف (COP) للطبيعة والتنوع البيولوجي، ولتغير المناخ - في توجيه العالم نحو الاستدامة. وتطرق التقرير الأخير لمفهوم التمويل المستدام، ودوره في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية، والتقدم الذي أحرزته بلدان عدة، بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، في تبني ممارسات التمويل المستدام. يسلط تقريرنا الأخير التركيز على اقتراح إطار عام مشترك وموحد للتمويل المستدام، على أن يكون معدّاً خصيصاً لمنطقة مجلس التعاون الخليجي. فيما رسم الجزء الأول الخطوط العريضة للعملية من خلال دراسة السياق العالمي والتقدم الذي أحرزته دول مجلس التعاون الخليجي في مجال التمويل المستدام، يتعمق الجزء الثاني من السلسلة بالتفاصيل، ويدرس وضع إطار عمل متكامل يعالج الاحتياجات الفريدة للمنطقة. وقد تم توجيه هذه الورقة البحثية لصناع السياسات، والمؤسسات المالية، وأصحاب المصلحة من المستثمرين في تعزيز التمويل المستدام في بلدان مجلس التعاون الخليجي، مع التأكيد على أهمية وجود إطار عمل موحد يمكنه بناء مشهد مالي مستدام أقوى في المنطقة. تحدد الورقة البحثية المبادئ التوجيهية والمعايير المشتركة لممارسات التمويل المستدام في المنطقة، والتي تتمحور حول أربع ركائز أساسية؛ وهي أدوات التمويل المستدام، والتقدم التقني، والتوافق مع السياسات الدولية، و بناء القدرات. وتوضح هذه الركائز المحورية الاعتبارات الأساسية للوصول إلى نهج فعال لدمج ممارسات الاستدامة عبر الأنظمة المالية في دول مجلس التعاون الخليجي.