طعامنا وحياتنا - الخيارات الصحية والغذائية التي تحدد توجّهات المستهلكين في المنطقة
تتغيّر الخيارات الغذائية في منطقة الشرق الأوسط بسرعة، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع التكاليف، والتوعية الصحية، والعادات الرقمية. أظهر الاستطلاع الأخير الذي أجريناه حول المستهلكين في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، ومصر، أن المنطقة تعمل على إرساء التوازن ما بين التكلفة والإقبال المتزايد على الرفاه، والملاءمة، والأثر المحلي
أصبحت الطريقة التي نأكل بها الطعام في العام 2025، مرآة تعكس قيمنا الشخصية، والاجتماعية، والبيئية على نطاق واسع. وتكشف نتائج منطقة الشرق الأوسط في استطلاع آراء المستهلكين للعام 2025 عن تحوّل عميق ومعقد في عادات المستهلك الغذائية، ما يظهر حقبة جديدة من "القلق" المتزايد إزاء ارتفاع تكاليف الأغذية، وهدر الطعام، والصحة، والأخلاقيات، والاستدامة.
ويشعر المتسوقون في منطقة الشرق الأوسط، تماماً كما في مناطق أخرى من العالم، بالضغوط الاقتصادية ويستجيبون لها بطريقة عملية؛ فيتجهون إلى اختيار العلامات التجارية التي تقدّم التخفيضات، والشراء بكميات كبيرة، والسعي إلى تحقيق قيمة أكبر من خلال العروض الترويجية. ورغم أن المخاوف المتعلقة بالبيئة والتغير المناخي سائدة إلى حدّ كبير، لكن عندما يكون الخيار إمّا إنقاذ الكوكب أو توفير الأموال، يتبيّن لنا أن المستهلك ينتقي أولوياته المالية على المدى القصير، إذ إنه يهتم بتوفير الأموال أكثر من إنقاذ الكوكب.
إلا أن هذه السلوكيات المراعية للتكلفة تتزامن مع الإقبال المتزايد على الملاءمة، إذ إن المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط يميلون أكثر من المتوسط العالمي إلى طلب الوجبات الجاهزة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع وتناول الطعام خارج المنزل بشكل منتظم.
ووسط هذا التناقض بين التوفير والإسراف، تبرز الصحة كقوة مؤثرة تعيد رسم معالم مشهد القطاع الغذائي. ويشير الاستخدام المتزايد لأدوية GLP-1 لخفض الوزن، واعتماد الأجهزة القابلة للارتداء وتطبيقات الصحة، ونهضة الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال تخطيط الوجبات الشخصية واللياقة البدنية، إلى أن قاعدة المستهلكين استثمرت بشكل كبير في الرفاه القائم على التقنية والتغذية المصممة بحسب الاحتياجات الفردية.
ومع تركيز المستهلكين المتزايد على دور الأغذية وتطلعاتهم في هذا المجال، تبيّن تحليلات الاستطلاع الذي أجريناه توافر فرصة لجهات فاعلة جديدة، مثل مقدّمي خدمات الرعاية الصحية وشركات التقنية، الذين ربما لم يعتبروا أنفسهم جزءاً من قطاع الأغذية التقليدي من قبل.
وعلى مر التاريخ، عمل قطاع الأغذية الذي يشمل الزراعة، والتصنيع، والتجزئة، والضيافة، والتغذية، بنهج مجالات منفصلة ومنعزلة. إلا أن التغيّرات في توقعات المستهلكين، والابتكارات التقنية، والضرورات المناخية بدأت تحدث تحولاً سريعاً في ما يتوقعه الناس من النظم الغذائية.
لقد حان الوقت لإعادة تصوّر النمو عبر آفاق جديدة، تلتقي فيها شركات من مختلف القطاعات لتلبية احتياجات إنسانية أساسية، تتمحور حول كيفية إطعام الناس.
إلى جانب البيانات التي نستعرضها في هذا التقرير، تسلط البحوث الحديثة التي أجرتها شركة بي دبليو سي ضمن مسار التجديد والابتكار الضوء على الاتجاهات الناشئة في مجال طرق الغذاء إلى جانب قطاعات صناعية أخرى، بوصفه مجالًا تتقاطع فيه مفاهيم التقارب، والتعاون، والابتكار، مع التركيز على استكشاف فرص خلق القيمة خلال العقد المقبل. وبحلول العام 2035، يمكن لمجال طرق الغذاء المتطوّر في منطقة الشرق الأوسط أن يولّد قيمة قدرها 240 مليار دولار أمريكي، بفضل نظم غذائية إقليمية مرنة وأكثر ذكاء تستفيد من الذكاء الاصطناعي لزيادة الإنتاجية وتضمين الاستدامة في صميمها.
ولتشكيل صورة أوضح حول هذه الديناميكيات، شمل الاستطلاع الأخير لآراء المستهلكين الذي أجريناه 2,624 مشاركاً من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، ومصر. وتشير النتائج التي توصّلنا إليها إلى أن الذين يعتمدون هذا الانفتاح بين القطاعات لن يؤدوا دوراً رائداً في الابتكار ضمن مجال "طرق الغذاء" فحسب، بل سيساعدون أيضاً في استحداث نماذج مرنة وهادفة مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المنطقة.
سجل المستهلكون في منطقة الشرق الأوسط بالمقارنة مع المتوسطات العالمية، مرونة مالية أفضل، حيث أفاد أكثر من نصفهم (57%) بأنهم "مستقرون مالياً"، بمعنى أنهم قادرون على دفع فواتيرهم، ويتبقى لهم مع ذلك ما يكفي للادخار، أو الذهاب في عطلات، أو الترفيه. وتفوق هذه النسبة المتوسط العالمي البالغ 46%. وفي الوقت عينه، أفاد 31% منهم أنهم "يستطيعون تدبّر أمورهم مالياً"، وهي نسبة أعلى من 41% على المستوى العالمي، في حين أشار 10% آخرون إلى أنهم "غير مستقرين مالياً"، ويواجهون صعوبة في تسديد الفواتير في بعض الأوقات على الأقل.
وقد كشف مستهلكون في المنطقة أن "تكلفة المعيشة" هي العامل الأبرز الذي قد يؤثر في بلدهم خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، يليها التغير المناخي، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وتضرّر البيئة في المنطقة.
س. برأيك، أي من التهديدات/المخاطر المحتملة التالية قد يكون لها الأثر الأكبر على بلدك خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة؟ (يتم عرض أهم إجابة)
من المتوقّع أن تستمر تكاليف المعيشة في الارتفاع عبر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط في العام 2025، ويُعزى ذلك إلى ازدياد الاضطرابات التجارية، وتقلبات أسعار السلع العالمية، والقيود على سلاسل الإمداد المحلية. ففي مصر على سبيل المثال، تسبب التراجع الحاد في قيمة الجنيه في ارتفاع تكلفة الواردات الأساسية، ما أدى إلى زيادة أسعار السلع الأساسية في جميع أنحاء البلد مثل الخبز، والحبوب، واللحوم والدجاج، بالإضافة إلى القمح وزيت الطهي.1 وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تُصنّف دبي حالياً على أنها المدينة الأكثر تكلفة في الشرق الأوسط، وتحتل الترتيب 15 عالمياً. وغالباً ما يشكّل ذلك مصدر قلق للعمال الدوليين الوافدين إلى دبي، وفقاً لتصنيف المدن بحسب تكلفة المعيشة لعام 2024 الصادر عن شركة الاستشارات العالمية ميرسر،2 لا سيما أن تكاليف المعيشة المرتفعة تجبر المقيمين على تعديل نمط حياتهم وتقليص الإنفاق، حتى أن بعضهم يجد صعوبة في تلبية الاحتياجات الأساسية.
تمتاز المنطقة بترابط التفضيلات الغذائية بشكل وثيق بالتراث والتقاليد الثقافية. وعلى مر التاريخ، تم تناقل النكهات الجريئة، واستخدام التوابل العطرة، وطرق الطهي الاستثنائية من جيل إلى جيل. وبحسب الاستطلاع الذي أجريناه، أفاد أكثر من 30% من المستهلكين في المنطقة (مقارنةً بنسبة 19% عالمياً) بأنهم غالباً ما يتناولون المأكولات التقليدية ويتبعون الممارسات الغذائية الثقافية. ويسلّط ذلك الضوء على مدى الاعتزاز بالهوية والفخر بالحفاظ على أصالة المطبخ المحلي.
إلا أن الطابع العالمي للمنطقة التي تحتضن مزيجاً متنوعاً من الجنسيات، ساهم أيضاً في تعزيز الانفتاح على تجربة مطابخ أخرى. تُظهر بياناتنا أن أكثر من 40% من المستهلكين في المنطقة (مقابل 28% في العالم) منفتحون على إدخال أطباق من ثقافات أخرى ضمن نظامهم الغذائي.
تُعد المخاوف المرتبطة بالتكلفة متجذّرة إلى حدّ كبير في رحلة المستهلك عبر منطقة الشرق الأوسط، حيث تؤثر في تصوراته، وتحدد أولوياته، وتوجه قراراته الشرائية. وتشكّل أسعار المواد الغذائية، بشكل خاص، أحد أبرز العوامل التي توجّه سلوكيات المستهلك على غرار التسوق في متاجر التخفيضات، والانتقال من شراء منتجات علامة تجارية إلى أخرى، والبحث عن العروض الترويجية. كما يقلل أكثر من ثلث المستهلكين (38%) هدر الطعام من خلال شراء ما يحتاجون إليه فقط.
وفيما تضطلع القدرة على تحمّل التكاليف بدور بالغ الأهمية، إلا أنها ليست العامل المؤثر الوحيد. ففي حين أن 44% من المستهلكين في المنطقة يعتبرون السعر من أبرز الاعتبارات عند اختيار المواد الغذائية (نسبة دون المتوسط العالمي البالغ %57 بقليل)، فإن 36% منهم يمنحون الأولوية للمذاق و34% للثقة بالعلامة التجارية، ما يظهر أن الجودة ومعرفة العلامة التجارية تؤثران أيضاً في قرارات الشراء. وتجدر الإشارة إلى أن حوالى نصف المشاركين في الاستطلاع أدرجوا الرغبة في الحصول على مذاق أفضل كأحد أبرز ثلاثة أسباب دفعتهم لشراء منتجات علامة تجارية مختلفة، ما يسلط الضوء على الميزة التنافسية التي يمكن أن تقدّمها النكهة. كذلك، لجأ 43% من المستهلكين في المنطقة إلى متاجر التخفيضات في السنة الماضية، وهي نسبة أعلى من المتوسط العالمي البالغ 39%. وعند تخييرهم بين المنتجات المستوردة والمحلية، اختار أكثر من نصفهم المنتجات المستوردة الأقل تكلفة بدلاً من الخيارات المحلية الأغلى ثمناً.
س. عند اختيار المواد الغذائية التي تشتريها، ما هي العوامل الأكثر أهمية بالنسبة إليك؟ (يتم عرض أهم ثلاثة إجابات)
أشارت نتائج الاستطلاع الذي أجريناه إلى أن المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط يكيّفون عاداتهم الشرائية - ويتّجهون إلى تنويع عاداتهم في التسوق في متاجر البقالة، حيث يميلون بشكل متزايد إلى دعم الشركات المحلية. وفي حين أن 72% من المشاركين تسوقوا في السوبرماركات خلال العام الماضي، وهي نسبة تقل قليلاً عن المتوسط العالمي البالغ 82%، فإن 47% منهم اختاروا متاجر محلية، ليتجاوزوا بذلك النسبة العالمية البالغة 45%. وحتى عندما يتعلّق الأمر بالتسوق اليومي والأسبوعي، يختار 38% من المستهلكين في المنطقة التسوق في المتاجر المحلية مقارنةً بالمتوسط العالمي البالغ 34%.
تشهد سلوكيات تسوق البقالة في المنطقة التغيّرات، لا سيما أن الملاءمة الرقمية تؤدي دوراً متنامياً إلى جانب العادات التقليدية. وفيما يتعلق بالتسوق اليومي والأسبوعي عبر الإنترنت، تُعتبر منصات التوصيل عند الطلب الخيار الأفضل للتسوق اليومي والأسبوعي بالنسبة إلى المستهلكين في المنطقة (30% مقارنةً بنسبة 15% عالمياً)، في حين تُعد السوبرماركات الإلكترونية الخيار المفضّل بالنسبة إلى حوالي ربع المستهلكين (25%).
يعطي المستهلكون في المنطقة أولوية متزايدة لشراء المنتجات الطازجة، حيث يخطط أكثر من 60% من المستهلكين لزيادة استهلاكها خلال الأشهر الستة المقبلة، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي البالغ 50%. وفي الوقت نفسه، ثمة توجه ملحوظ نحو الابتعاد عن الأطعمة الجاهزة والمعلبة، ما يعكس اهتماماً متزايداً بخيارات الأطعمة الطبيعية القليلة المعالجة.
تُعتبر المخاطر الصحية من بين أبرز الهواجس التي يفكّر فيها المستهلكون في المنطقة، إذ يُعد أكثر من 60% منهم قلقين جداً إلى شديدي القلق إزاء المخاطر المرتبطة بالأغذية الفائقة المعالجة واستخدام المبيدات، بما يعكس مشاعر مماثلة لنظرائهم على مستوى العالم.
في المقابل، تؤدي اعتبارات الاستدامة والأخلاقيات دوراً ثانوياً نسبياً في قرارات الشراء. يؤثر كل من الإنتاج المحلي (5%)، والعضوي (5%)، والتغليف الصديق للبيئة (3%)، والإنتاج الذي يراعي المعايير الأخلاقية (3%) في نسبة ضئيلة فقط من المستهلكين، ما يشير إلى أن هذه العوامل، رغم معرفة المستهلك بها، لا تؤثر حالياً في سلوكه الشرائي بشكل كبير. ويكشف ذلك عن قاعدة من المستهلكين الذين يهتمون بصحتهم ويستندون إلى القيمة في قرارات الشراء، في حين تترك الاعتبارات البيئية والأخلاقية تأثيراً محدوداً في سلوكهم الاستهلاكي.
وينعكس هذا التركيز المتزايد على الصحة أيضاً في تصوّرات المسؤولية عن الأكل الأكثر صحة. إذ يعتبر حوالي 60% من المشاركين في الاستطلاع من المنطقة أن المستهلكين أنفسهم يُعدّون من بين أبرز ثلاثة أطراف معنية مسؤولة عن التشجيع على عادات الأكل الصحية والمغذية. وفيما وضع نصف المشاركين تقريباً (44%) المسؤولية الأساسية على عاتق منتجي الأغذية، ترى نسبة متساوية منهم أن على الحكومة أن تلعب دور رئيسي في هذا الإطار، وهي نسبة أقل بقليل من المتوسط العالمي البالغ 47%. ويدل ذلك على مدى أهمية المسؤولية الشخصية في المنطقة، إلا أن ثمة دعوة واضحة إلى تعزيز مشاركة قطاع الأغذية وصنّاع السياسات على السواء لتعزيز بيئة تدعم الخيارات الأكثر صحة.
هذا وتزداد أهمية الدور الذي تضطلع به الملاءمة في المنطقة. تشهد خدمات لوازم تحضير الوجبات المزيد من الإقبال، حيث استخدمها 28% من المستهلكين في المنطقة مقارنةً بنسبة 15% على المستوى العالمي. ويدل ذلك على طلب متزايد للحصول على حلول غذائية مرنة تضمن توفير الوقت. ويتماشى هذا التوجّه مع النمو السريع لسوق توصيل الأغذية عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي تُقدّر قيمته بمبلغ 9.8 مليار دولار أمريكي في العام 2022، ومن المتوقع أن يزداد بمعدل نمو سنوي مركب ضخم يبلغ 20.5% حتى العام 2030.3
في حين أن نصف المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط يعتبرون أن تكلفة المعيشة هي أكبر مصدر قلق بالنسبة إليهم، يكشف سلوكهم عن تناقض لافت.
فعلى الرغم من معرفتهم بالتكاليف، تشير نتائج الاستطلاع إلى أن 40% من المشاركين يتناولون الطعام خارجاً مرة أو ثلاث مرات في الأسبوع، وهي نسبة تفوق بكثير المتوسط العالمي البالغ 25%. في الوقت نفسه، يواصل أكثر من 50٪ من المستهلكين في المنطقة شراء الأطعمة الجاهزة أو طلب الوجبات الجاهزة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، مقارنةً بأكثر من 30٪ على المستوى العالمي.
ويشير هذا التناقض إلى أنّه رغم الضغوط المالية التي تشغل بال المستهلكين، ما زالت الملاءمة وعادات نمط الحياة تؤثر في عمليات الإنفاق المرتبطة بالطعام في المنطقة. ومن المرجح أن تأثير الرصيد الأخلاقي4 - حيث إن اتخاذ قرار مالي واحد "صائب" في حالة معينة، يبرر الإسراف في حالات أخرى - يؤدي دوراً في هذا الصدد، كما أنه يعكس عقلية المستهلك الذي يدرك قيمة التكلفة، ولكنه غير مستعد للمساومة على راحته وتجربة تناول الطعام في الخارج.
يظهر سكّان منطقة الشرق الأوسط تقديراً عاماً للمنتجات المزروعة محلياً، ويربطها المستهلكون في المنطقة بالتمتّع بصحة أفضل، وبخفض البصمة الكربونية، وبتعزيز الأمن الغذائي، وتأمين الدعم للمجتمع المحلي.
وقد أفاد أكثر من 30% من المشاركين في الاستطلاع الذي أجريناه بأنهم اشتروا منتجات محلية، تماماً مثل نظرائهم العالميين. ومن بين الأشخاص الذين اشتروا الأغذية المنتجة محلياً، أشار حوالي النصف (46%) إلى أن الجودة العالية هي السبب الرئيسي للشراء، يليها الاعتقاد بأن المنتجات المحلية أكثر صحة (44%)، والرغبة في دعم الاقتصاد المحلي (44%)، وضرورة دعم المصنعين المحليين (36%).
أما الاعتبارات البيئية فقد احتلّت مرتبة أدنى، حيث أشار خُمس المشاركين فقط في الاستطلاع (21%) إلى أن المناخ والبصمة الكربونية هما من الأسباب الثلاثة الأولى التي تدفعهم إلى شراء المنتجات المحلية.
س. لقد أشرت إلى أنك تشتري الأغذية المنتجة محلياً، ما هي الأسباب الرئيسية لهذا الاختيار؟ ( ضمن أهم ثلاث أسباب)
أدى اعتماد المنطقة الكبير على الأغذية المستوردة إلى نشوء تحديات تتعلق بسهولة الوصول إلى المنتجات المحلية. إذ يتم استيراد أكثر من 50% من الأغذية المستهلكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تعتمد دول مثل الإمارات العربية المتحدة على الواردات لتغطية حوالي 90% من إمداداتها الغذائية.5
وقد أفاد حوالي 40% من المشاركين في الاستطلاع أنهم لا يشترون عادةً أطعمة منتجة محلياً، بسبب محدودية التنوّع، وصعوبة العثور على منتجات محلية، وارتفاع تكلفتها. ومن اللافت أن أكثر من ثلث المستهلكين في المنطقة أشاروا إلى أن إمكانية الوصول تشكّل عائقاً، معتبرين أن المنتجات المحلية ليست متاحة بسهولة في المتاجر.
س. لقد أخبرتنا أنك لا تشتري الأغذية المنتجة محلياً. ما هي الأسباب الرئيسية لهذا الاختيار، إن وجدت؟ (من أهم ثلاث إجابات)
غالباً ما تكون المنتجات المحلية أغلى ثمناً من الأنواع المستوردة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة التي تشكل عائقاً أمام المزارع المحلية في المنطقة.6 وعلى الرغم من الابتكارات مثل الطاقة الشمسية، لا يستطيع العديد من المزارع تحمل تكاليف هذه الاستثمارات، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية مقارنة بالواردات. غير أن ارتفاع الطلب، وطلبات الشراء المتراكمة، وتنامي الشعور بالمسؤولية المؤسسية بدأت تجعل الزراعة المحلية أكثر قابلية للاستمرار من الناحية التجارية. ويكمن طريق المضي قدماً في التركيز على زراعة المحاصيل التي يمكن إنتاجها محلياً بطريقة عملية وفعالة من حيث التكلفة، مع إدراك أنه لا يمكن أو لا يجب إنتاج كل أنواع الأغذية في المنطقة.
يقيّم 69% من المستهلكين الإقليميين الذين شملهم الاستطلاع صحتهم العامة على أنها بحالة ممتازة أو جيدة جداً، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي البالغ 46%. لكن هذا التقييم الذاتي الإيجابي يأتي مرفقاً بمعدلات السمنة المرتفعة بشكل مستمر في منطقة الشرق الأوسط.
فقد بلغ معدل السمنة في أوساط البالغين في منطقة الشرق الأوسط في العام 2022، نسبة 32.1%، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي7، ما يشير إلى مخاطر صحية أساسية تتعيّن معالجتها. وبالنظر إلى المستقبل، تشير التوقعات إلى أن %55.4 من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و24 سنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد يعانون الوزن الزائد أو السمنة المفرطة بحلول العام 2050، مع احتمال أن تتجاوز بعض دول مجلس التعاون الخليجي نسبة 70%.8
وتسلط هذه الأرقام الضوء على فرصة مهمة لمواءمة التوعية الصحية مع النتائج الصحية الفعلية، ما يعزز الحاجة إلى التعليم المستمر، والعادات الصحية الإيجابية، واستراتيجيات العافية والسلامة الاستباقية عبر المنطقة.
لكن نتائج الاستطلاع الذي أجريناه تشير إلى رغبة واضحة في نمط حياة أكثر صحة. أفاد أكثر من 30% من المشاركين في الاستطلاع في المنطقة بأنهم يتفادون الأطعمة الفائقة المعالجة، كما يأخذ ثلث المشاركين المكملات بشكل منتظم، و50% يأخذون المكملات "إلى حدّ ما". كما أن المشاركين من المنطقة أكثر استعداداً مقارنةً بباقي مناطق العالم، لاختبار "اللحوم البديلة" أو الخيارات النباتية والفيجن.
س. إلى أي مدى تتخذ الخيارات الصحية التالية في نظامك الغذائي؟ (أحاول تقليل/تقييد عناصر معينة في نظامي الغذائي لتحسين صحتي)
عندما سُئل المشاركون في الاستطلاع عن كيف يمكن لشركات الأغذية والمشروبات الكبرى أن تساهم في تحسين صحة المستهلك وسلامته، حدّد المشاركون من المنطقة ثلاث أولويات - المزيد من المنتجات التي تستهدف متطلبات صحية محددة، وقيمة غذائية أفضل، وخيارات تنطوي على عدد أقل من السعرات الحرارية. تتوافق هذه التوقعات بشكل وثيق مع التوجّه العالمي في هذا الإطار. كما يتوقّع نحو 40% من المشاركين أن تقوم الشركات بتوعية المستهلكين حول الصحة والتغذية، ما يسلّط الضوء على الطلب المتزايد على توفير القطاع للمعلومات اللازمة والمفيدة للمستهلك.
يعتمد المستهلك في منطقة الشرق الأوسط على التقنيات لتحسين نمط حياته وتعزيز نتائجه الصحية، كما يرغب في الحصول على معطيات في الوقت الحقيقي وعلى توصيات مخصصة لرعاية صحية معززة تلبي احتياجاته.
تُحدث الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، ثورة في عالم الإدارة الصحية وذلك عبر تقديم حلول عافية وسلامة قائمة على البيانات. تتخطى نسبة اعتماد تطبيقات الرعاية الصحية والتقنيات القابلة للارتداء في منطقة الشرق الأوسط المتوسط العالمي بشكل ملحوظ - 12% فقط من المشاركين من المنطقة لا يستخدمون أي من تقنيات الرعاية الصحية مقابل 30% عالمياً. ويُظهر ذلك إقبالاً كبيراً في المنطقة على أدوات الصحة الرقمية التي تُعنى بمراقبة وتعزيز السلامة الشخصية.
س. هل تستخدم تطبيقات الرعاية الصحية (تطبيقات الجوال التي تزوّد المستخدمين بمعلومات وخدمات متعلقة بالصحة) أو التقنيات القابلة للارتداء (مثل أجهزة تتبع اللياقة البدنية، والساعات الذكية) لأي من الأسباب/الأنشطة التالية؟
يعتمد أكثر من 40% من المشاركين في الاستطلاع من المنطقة على التقنيات القابلة للارتداء وعلى التطبيقات التي تُعنى بالصحة لممارسة التمارين، وتتبّع الأنشطة اليومية، واتباع النظام الغذائي، وفقدان الوزن، وتناول الطعام الصحي، وهي نسبة تتخطى المتوسط العالمي بـعشر نقاط مئوية. وقد أدّى ذلك إلى بعض التغييرات في العادات اليومية لأكثر من 50% من المستخدمين في المنطقة، فيما لمس 41% من المشاركين تغييرات كبيرة.
ويظهر هذا التوجّه واضحاً في الآفاق المقدّرة للسوق. فمن المتوقع أن يصل سوق الأجهزة الطبية القابلة للارتداء في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا إلى 3.29 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2033، أي ما يوازي معدل نمو سنوي مركب يبلغ 18.1% ما بين 2024 و2033. 9 ويشمل ذلك استخدام تقنيات على سبيل الساعات الذكية، وأجهزة تتبّع اللياقة البدنية، وأجهزة مراقبة كهربية القلب القابلة للارتداء، ومضخات الإنسولين، وأجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة - التي تم تصميمها لجمع معلومات حول العلامات الحيوية، والأنشطة البدنية، وأنماط النوم، ومستويات الجلوكوز في الدم، من جملة أمور أخرى. وعلى الصعيد العالمي، يشهد سوق الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، نمواً سريعاً أيضاً. وتبلغ حالياً القيمة السوقية لهذه الأجهزة 85.2 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل إلى 506 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2035، وهي دلالة واضحة على نطاق ثورة التقنيات الصحية هذه وإمكانية توسّعها.
تشهد المنطقة أيضاً انفتاحاً متزايداً على استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز التخطيط للطعام والوجبات المنزلية. وفي هذا الصدد، يشير أكثر من 40% من المستهلكين في المنطقة إلى استخدام هذه التقنية للتخطيط للوجبات وابتكار خطط غذائية مخصصة. كما يستخدم 51% من المشاركين في المنطقة - مقارنةً بنسبة 45% عالمياً - هذه التقنية لإعداد برامج تدريب وتمارين شخصية.
تكتسب حالياً أدوية خفض الوزن بوصفة طبية، زخماً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط، حيث يستخدم 9% من المستهلكين المشاركين في الاستطلاع من المنطقة هذه الأدوية حالياً - أي ضعف العدد العالمي تقريباً. وقد أشار 43% ممن لا يستخدمون هذه الأدوية حالياً، أنهم لا يمانعون استخدامها مستقبلاً إن دعت الحاجة، وهي الحال كذلك على صعيد نظرائهم العالميين. ومن بين 9% من المستهلكين في المنطقة الذين يستخدمون أدوية خفض الوزن، أفاد حوالي ثلاثة أرباعهم عن انتقائهم خيارات غذائية أكثر صحة وتحسّن نتائجهم الصحية بالتالي، فيما اختبر نصفهم تقريباً تجارب أقل إيجابية شملت بعض الآثار الجانبية، وعدم القدرة على تحقيق توقعات خفض الوزن، وفقدان الكتلة العضلية.
س. أي من الخيارات التالية يصف بشكل أفضل مدى معرفتك بأدوية خفض الوزن بوصفة طبية المستخدمة في علاج السكري من النوع الثاني وفقدان الوزن (مثل أوزمبيك، ومونجارو، وويغوفي، وزيباوند)؟
شدّد الخبراء خلال القمة العالمية لإطالة العمر الصحي التي انعقدت في الرياض في شهر فبراير الماضي، على الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في كيفية إدارة الحالات الصحية التي تؤثر سلباً في إطالة العمر الصحي - وتحويل التركيز من العلاج إلى الوقاية. ولكن على الرغم من أن الأدوية التي تحاكي الهرمون الطبيعي GLP-1 مثل أوزمبيك ومونجارو، أثرت إيجاباً في علاج السكري والسمنة المفرطة، إلا أنها قد تؤدي إلى مخاطر صحية جدّية مثل التهاب المفاصل والتهاب البنكرياس الذي من الممكن أن يتسبب بالوفاة.10 وفي هذا السياق، تشهد غرف الطوارئ في المنطقة حالات متزايدة من التعقيدات المرتبطة بأدوية خفض الوزن التي تُستخدم من دون الإشراف الطبي المناسب. وبالنتيجة، تعمل الجهات المنظّمة للأدوية على تنسيق جهود تنظيم توزيع الأدوية التي تحاكي الهرمون الطبيعي GLP-1 ومنع عمليات البيع غير المشروعة.11
ما زالت مخاوف المستهلكين بشأن تغيّر المناخ في منطقة الشرق الأوسط مرتفعة، لكنها انخفضت قليلاً مقارنةً بالعام الماضي. وبحسب نتائج استطلاعنا للعام 2025، أعرب 75% من المستهلكين في المنطقة الذين شملهم الاستطلاع، عن قلقهم إزاء تغير المناخ، وهو انخفاض عن نسبة 83% المسجلة في العام 122024 ويعكس هذا التوجّه التراجع المسجّل عالمياً، حيث انخفضت المخاوف من 85% في العام 2024 إلى 82% في العام الحالي.
ويشير نحو واحد من كل خمسة مستهلكين في المنطقة، إلى أنهم يشعرون بالقلق يومياً بشأن التغير المناخي، ما يدل على الألحية المستمرة بالنسبة إلى شريحة كبيرة من السكان. وهذه المسألة ليست مفاجئة نظراً إلى مدى تأثر المنطقة بتغير المناخ. تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعضاً من أسرع معدلات الاحترار العالمي. وتشير التوقعات الأخيرة إلى أن درجات الحرارة في بعض أنحاء المنطقة قد ترتفع بنسبة تصل إلى 9 درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن، وقد يحصل ذلك قبل عقدين أو ثلاثة مقارنةً بمناطق أخرى من العالم.13
حدّد المستهلكون ما يلي عند شراء المنتجات الغذائية، كممارسات الاستدامة الثلاث الأكثر أهمية: المنتجات الخالية من المبيدات، والسلع المحلية، والتغليف المُراعي للبيئة وفي الواقع، عندما أُبلغ المستهلكون الذين شملهم الاستطلاع أن التدابير المتخذة لتحسين صحة الأراضي والبيئة (مثل تحسين جودة التربة وزيادة التنوع البيولوجي) قد تؤدي إلى ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى منتجي الأغذية، أفاد 45% من المستهلكين في المنطقة بأنهم على استعداد لدفع مبلغ أكبر للأطعمة دعماً لصحة الأراضي والبيئة.
س. هل اتخذت أياً من الخطوات التالية للحدّ من تأثيرك على تغير المناخ على صعيد الأغذية التي تبتاعها وتتناولها؟
أفاد 23% من المشاركين في الاستطلاع من المنطقة، بأنهم لا يشعرون بالقلق على الإطلاق، مقارنةً بنسبة 16% فقط عالمياً، ما يسلّط الضوء على الفجوة المتزايدة في مستويات المخاوف عبر المنطقة. إلى ذلك، أشار أكثر من نصف المستهلكين من المنطقة في استطلاع العام 2025، إلى أنهم لا يسعون بشكل منتظم إلى معرفة معلومات حول الجهود التي تبذلها العلامات التجارية الغذائية في مجال المناخ والاستدامة، كما أفاد 25% من المستهلكين في المنطقة بأنهم نادراً ما يسعون إلى معرفة هذه المعلومات. كما أظهرت النتائج أن المستهلكين في المنطقة يتعرّفون بشكل أساسي إلى جهود شركة ما في مجال المناخ والاستدامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي (72% مقابل 62% عالمياً)، تليها وسائل الإعلام التقليدية (%47 مقابل 50% عالمياً)، ثم المعلومات التي يتم الحصول عليها من العائلة والأصدقاء (44% مقابل 35% عالمياً).
تشير نتائج الاستطلاع الذي أجريناه إلى أن مستقبل الغذاء يعتمد على الجهود الموحّدة عبر الشركات، والحكومات، والقطاعات في مجال التقنيات، والصحة، والتنقل، من أجل إعادة تصوّر النظم الغذائية، وضمان الاستدامة والأمن الغذائي في المنطقة.
يعيد المستهلكون في الشرق الأوسط تحديد ما يتوقعونه من قطاع الأغذية. وأصبحت الصحة، والملاءمة، والثقة تحتل صدارة الأولويات. وفي الوقت عينه، تدفع التكاليف المتزايدة والضغوط المناخية بالمستهلكين والشركات على السواء لاتخاذ خيارات أكثر ذكاء واستدامة. ومن اللافت أيضاً أن نرى أن الاعتبارات البيئية ما زالت ثانوية بالنسبة إلى الكثيرين. ومع ذلك، فإن الطلب على أغذية أكثر صحة منتجة محلياً يزداد يوماً بعد يوم. أما الشركات التي تحقق النجاح فهي تلك التي تلبي احتياجات الناس على اختلافها، من خلال تقديم حلول غذائية، متجذرة بالمنطقة، يمكن تحمّل تكاليفها، وتستند إلى التقنية، وتتماشى مع أنماط الحياة الحديثة والقيم السائدة. لم يعد تقديم هذه الحلول ثانوياً، بل إنه المكوّن الأساسي لتحقيق الريادة في سوق ديناميكي يشهد تطوّرات متسارعة.
تم جمع البيانات بين 16 يناير و12 فبراير 2025، وبلغ عدد الردود المكتملة 21,075 عبر 28 بلداً. تشكّل منطقة الشرق الأوسط 12% من العينة الإجمالية، حيث بلغ عدد الردود 2,624 رداً موزعاً كالتالي: المملكة العربية السعودية (1,014)، والإمارات العربية المتحدة (1,002)، وقطر (300)، ومصر (308). وتم تقسيم العيّنة بالتساوي بين الذكور والإناث (50% لكل منهما)، وبلغت الفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و44 عاماً نسبة 81%. ومثّل جيل الألفية 50% من المشاركين، بينما شكّل الجيل زد نسبة 31%. وفيما يتعلق بمكان الإقامة، يعيش 82% في المدن الكبيرة، و11% في المناطق الحضرية، و6% في البلدات الصغيرة أو المناطق الريفية.
ومن الناحية الوظيفية، فإن 76% من المشاركين هم موظفون بدوام كامل أو جزئي أو يعملون لحسابهم الخاص، في حين أن %24 لا يعملون حالياً. على صعيد تكوين الأسرة، يعيش 79% في أسر تضم أطفالاً، و21% في أسر بدون أطفال (2% منهم يعيشون في أسر مكوّنة من شخص واحد). وبالإضافة إلى الخصائص الديمغرافية الأساسية، يتضمّن التحليل شرائح أخرى محدّدة المواصفات.